لا يوصف بصفات المخلوقين، وإنما يوصف بأنه هُدى ونور، يهدي به الله من شاء من خلقه. قال الله -تعالى-: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}، وقال -تعالى-: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ}، وقال -تعالى-: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}، وقال -تعالى-: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}، وقال -تعالى-: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}، وقال -تعالى-: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا.
وروى الإمام أحمد ومسلم، عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته بين مكة والمدينة: «أما بعد، ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين؛ أولهما كتاب الله -عز وجل- فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه» الحديث. وفي رواية لمسلم: «كتاب الله فيه الهدى والنور، من استمسك به وأخذ به كان على الهدى، ومن أخطأه ضلَّ».
وإذا كان ابن محمود لا يعرف الفرق بين الهدى والمهدي فتوسعه في العلوم والفنون عناء لا فائدة فيه، وينبغي له ولأمثاله أن يعرفوا قدر أنفسهم، ولا يتطاولوا على شيخ الإسلام، الذي محله بين العلماء مثل القمر بين الكواكب.
وأما قوله: وكم غرق في كلمة شيخ الإسلام هذه كثير من العلماء والعوام حين اعتقدوا صحة خروج المهدي.
فجوابه: أن يقال: لا يخفى ما في هذا الكلام من قلب الحقيقة؛ لأن الغارق في الحقيقة هو ابن محمود وأمثاله من الذين تأثروا بأقوال رشيد رضا، ومحمد فريد وجدي، وأحمد أمين، وأمثالهم من العصريين الذين طعنوا في الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المهدي وقابلوها بالرد والإطراح، وأما الذين تمسكوا بالأحاديث الثابتة في المهدي وقابلوها بالقبول والتسليم، فهؤلاء ناجون من الغرق الذي وقع فيه من ذكرنا من العصريين، ومن قلدهم وسار على نهجهم الباطل في مخالفة الأحاديث الثابتة، وقد شبه بعض العلماء سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - بسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق.
وأما قوله: فكان من لقيته من العلماء والعوام يحتج بكلام شيخ الإسلام -رحمه الله-.