بسم الله الرّحمن الرّحيم
وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلّم
من أهل سبتة، أبو القاسم بن أبي زكريا بن أبي طالب.
حاله: من أهل الظّرف والبراعة، والطبع المعين، والذكاء، رئيس سبتة، وابن رؤسائها، وانتقل إلى غرناطة عند خلعه وانصرافه عن بلده. أقام بها تحت رعي حسن الرّواء، مألفا للظرفاء، واشتهر بها أدبه، ونظر في الطّبّ ودوّن فيه، وبرع في التّوشيح. ثم انتقل إلى العدوة، انتقال غبطة وأثرة، فاستعمل بها في خطط نبيهة، وكتب عن ملوكها، وهو الآن بالحالة الموصوفة.
وجرى ذكره في «الإكليل» بما نصّه «2» : فرع تأوّد من الرئاسة في دوحة، وتردّد بين غدوة في المجد وروحة، نشأ والرئاسة العزفيّة تعلّه وتنهله، والدّهر يسيّر أمله الأقصى ويسهّله، حتى اتّسقت أسباب سعده، وانتهت إليه رياسة سلفه من بعده، فألقت إليه رحالها وحطّت، ومتّعته بقربها بعدما شطّت. ثمّ كلح له الدهر بعد ما تبسّم، وعاد زعزعا «3» نسيمه الذي كان يتنسّم، وعاق هلاله عن تمّه، ما كان من تغلّب ابن عمّه، واستقرّ بهذه البلاد نائي «4» الدار بحكم الأقدار، وإن كان نبيه المكانة والمقدار، وجرت عليه جراية واسعة، ورعاية متتابعة، وله أدب كالرّوض باكرته