وكذلك قيد بعض الفقهاء النهي بأن يكون البادي جاهلاً بالسعر1. وهذا أيضاً مخالفٌ لعموم الأحاديث الواردة في النهي عن بيع الحاضر للباد، وأيضاً فإن الحكمة في النهي عن بيع الحاضر للباد ليس لكون البادي جاهلاً بالسعر، وإلا لنهي عن إخبار البادي بسعر السوق لحصول المفسدة الكائنة في البيع له. وقد تقدم بيان الحكمة في النهي.

وكذلك قيّد بعض الفقهاء النهي بقيود أخرى، إلا أنه لا دليل عليها. والأولى الأخذ بعموم النهي عن بيع الحاضر للباد. والله أعلم.

ويستفاد مما تقدم أيضاً النهي عن تلقي الركبان والجَلَب. وهو أيضاً قول جمهور العلماء2.

ونهي عن تلقي الركبان لما فيه من تغرير البائع، فإنه لا يعرف السعر فيشتري منه المشتري بأقل من قيمته، ولذلك أثبت له النبي صلى الله عليه وسلم الخيار إذا دخل السوق3.

قال المازري: "فإن قيل: المنع من بيع الحاضر للبادي سبب الرفق بأهل البلد، واحتمل فيه غبن البادي، والمنع من التلقي أن لا يغبن البادي، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار". فالجواب أن الشرع ينظر في مثل هذه المسائل إلى مصلحة الناس، والمصلحة تقتضي أن ينظر للجماعة على الواحد، لا للواحد على الواحد. فلما كان البادي إذا باع بنفسه انتفع جميع أهل السوق واشتروا رخيصاً فانتفع به جميع سكان البلد، نظر الشارع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015