من ياقوت، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، ويجلس فيه أدناهم وما فيهم دنيء على كثبان المسك والكافور، ما يرون بأن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا.
قال أبو هريرة: قلت: يا رسول الله، وهل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: "نعم هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر؟ " قلنا: لا. قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فكذلك لا تتمارون في رؤية ربكم تعالى، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله محاضرة، حتى إنه ليقول للرجل منهم: يا فلان بن فلان، أتذكر يوم عملت كذا وكذا؟ - يذكِّره ببعض غدراته في الدنيا - فيقول: أي رب، أفلم تغفر لي؟ فيقول: بلى فبسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه. قال: فبينما هم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم، فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط". قال: ثم يقول ربنا - عز وجل -: قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة، وخذوا ما اشتهيتم". قال: "فنأتي سوقا قد حَفَّت به الملائكة، فيها ما لم تنظر العيون إلى مثله، ولم تسمع الآذان، ولم يخطر على القلوب. قال: فيحمل لنا ما اشتهينا، ليس يباع فيه شيء ولا يشترى، وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا". قال: "فيقبل الرجل ذو المنزلة الرفيعة، فيلقى من هو دونه - وما فيهم دنيء فيروعه ما يرى عليه من اللباس، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه؛ وذلك لأنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها.
ثم ننصرف إلى منازلنا، فيتلقانا أزواجنا فيقلن: مرحبا وأهلا بِحِبَّنا، لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه. فيقول: إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار - عز وجل - وبحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا به".
وقد رواه الترمذي في "صفة الجنة" من جامعه، عن محمد بن إسماعيل، عن هشام بن عمار، ورواه ابن ماجه عن هشام بن عمار، به نحوه. ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. (?) (فصلت: 32)