الأفك العظيم لم يجرأ عليه أبو جهل ومن على شاكلته مع خبثه وعناده.
لأن قبحه معروف ببداهة العقول، حيث أن أذواق الشعوب ونزعاتها تختلف، فإذا جعلت إرادة الشعب من إرادة الله صارت نزعات الوجودية والشيوعية والنازية والصهيونية ووحشية الغاب وغيرها من إرادة الله التي أمر بها، وصار كل ما تهواه النفوس الشريرة ويعشقه مرضى القلوب من التهتك والانحلال ومعاقرة الخمر ودغدغة الغرائز وإشباع الشهوات على حساب الغير من أمر الله.
فعلام ينتقدوا على غيرهم ويصيحوا عليه إذا كانت إرادة الشعوب ورغباتها من إرادة الله في حكمه الذي يرتضيه.
ولأي شيء يرسل الله الرسل وينزل الكتب ويشرع الجهاد والأمر والنهي على الناس إذا كانت إرادتهم من إرادته التي يرتضيها، هذا هو عين المحال ومنتهى الفجور والضلال.
والذين تزعموا هذا الأفك لا يطبقونه على أنفسهم، بل يسمحوا لها بغزو الشعب الذي لا يخضع لسلطانهم ويسير وفق أهدافهم، فكأن الشعب الذي يحكمونه هم بقوة الحديد والنار هو الشعب الذي أرادته ألوهية من أراده الله.
والباطل لا بد أن يتناقض وينادي على نفسه بالبطلان.
فقد أشركوا بالله شركاً عظيماً إذ جعلوا الشعب ندا من دون الله وأهواءه أنداداً لشريعته وحكمه بدلاً من أن يكون محتكماً إلى الله ملتزماً لحدوده متكيفاً بشريعته منفذاً لها.