ما وضعها وأحاطها به من حدود ونظام ملائم لطبيعتها، حسب إرادة الله الأزلية السرمدية وعلمه المحيط الأزلي الأبدي وحكمته الشاملة لجميع تطورات العصور واختلاف البيئات.
فالإنسان مخلوق بطبيعته الحادثة الناقصة، وإدراكه مهما توسع لا بد أن يكون محدوداً حسب طبيعته أولاً، ثم هو محدود بوظيفته برب العالمين ثانياً؛ وظيفة الخلافة في الأرض لتحقيق جميع معاني العبادة لله والتزام حكمه تماماً بلا نقص ولا زيادة، وهو بفطرته لا يملك أن يستقر في هذا الكون العظيم الهائل كذرة تائه مفلة ضائعة.
فلا بد له من رباط معين بهذا الكون يضمن له الاستقرار فيه بعيشة راضية ويعرف فيه مكانه حقاً، ولذا قال تعالى {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ.. يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ} .
فلذلك لا بد له من عقيدة ربانية تفسر له ما حوله وتفسر له مكانه، وتضبط وظيفته بضوابط حكيمة لا تتأثر بملابسات العصر والبيئة، لأنها من وضع علام الغيوب الحكيم العليم بمصالح عباده.
وهذه العقيدة وما يتفرع منها من نظم وأحكام هي خاتمة الرسالات والشرائع الإلهية المنزلة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والتي من فرط فيها أو تجاوزها كان كافراً أو منافقاً كفراً أو نفاقاً قولياً اعتقادياً أو عملياً، والعملي أنكى وأفظع.