كان، سواء أكان الغيبيات أو غيرها، إلا أن الغيبيات أشد خطراً على بني الإنسان من أي شيء آخر.
ولذلك فإن اللجوء إليها يصيب المقتل ويكون مدمراً للإنسان.
والثغرة التي يدخل منها اللجوء إلى الغيبيات لدى المسلمين؛ هي الإيمان بالقضاء والقدر، واليقين بأن الله هو الذي يخلق كل شيء ويفعل كل شيء. فكان المخرج السهل أن يتكل المرء على المقدر ذلك إن الأمر مقدر، وأن الله هو الفعال، فلتكن مشيئة الله، وليكن ما أراده الله.
هكذا بكل بساطة يجري القعود عن التفكير بالأسباب والمسببات ويستسلم للأقدار.
والحقيقة هي أن الله كما قال: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ} ، قد قال: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} ، وكما قال: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} ، وقد قال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} ، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} .
والحقيقة كذلك هي: إن الله أراد بنا أشياء وأراد منا أشياء، فما أراده بنا طواه عنا، وما أراده منا أمرنا بالقيام به، فنحن لم نطلع على قدر الله لأنه مطوي عنا، فلا نعلمه ولا يمكن أن نعلمه، وأما ما أراده