الحديث والفقه بحر لا ساحل له غاية الماهر منه مراجعة القاموس، ولسان العرب والاقتصار عليهما لا يسوغ إطلاق النفي بل كل حصر في باب متسع الانتشار منتقد في الغالب، ومن العجيب من استدل باقتصار الفارابي في ديوان الأدب على خمسة ألفاظ في باب فعيل، وثمانية في باب فعيلي وزعم صراحته في أ، هـ ليس لنا خصيص على وزن فعيل حتى يثنى علي خصيصي مع كون الفارابي لم يدع الحصر ولو ادعاه عليه في الوزن الأول بخريت، وخريج، وحديث وحريف، وفيسيق، ومسيك، وعريض لمن يتعرض للناس بالشر، وسجيل، وسجين وغيرها.
وفي الثاني بخصيصي، وربيبي وهجيري، وحجيزي، وحديثي، وخليفي وغيرها، بل من الوزن الأول صديق، وهو كل من صدق بكل ما أمر الله به على لسان أنبيائه بغير شك، ولا امتراء وهو دائم الصدق، وقد ثبت قطعًا جمعه بقوله تعالى: (والصديقين) وما ثبت جمعه جمع تصحيح ثبتت تثنيته.
وإذا تقرر هذا فالتثنية في كلام القاضي بالنظر لشيئين، وهما الزمرة الشاملة لجميع من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة وغيرهم إلى يوم القيامة، والجماعة الذين هم أصحابه رضي الله عنهم، وخصهم بعددخولهم في العموم لشرفهم فكأنه سأل الله أن يخصه باقتفاء طريق الخواص من أصحاب نبيه، ومن سائر أمته، وهو نحو قول القائل: هب لنا ما وهبته لأوليائك وأحبائك.
ويجوز أن يكون سأل أن يخص بخصيصي هذه الأمة وهما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما حسبما ورد في حديث سنده ضعيف عند الطبراني في الكبير من حديث ابن مسعود رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن