البيهقي: ووجه هذا عندي ـ والله أعلم ـ أن الله تعالى قد أعد للمؤمن مقعدًا في الجنة ومقعدًا في النار كما في حديث أنس، وكذلك الكافر كما في حديث أبي هريرة ـ يعني الماضيين ـ فكأن الكافر يورث المؤمن مقعده من الجنة والمؤمن يورث الكافر مقعده من النار فيصير في التقدير كأنه فدي المؤمن بالكافر. انتهى. وكذا من الآيات في هذا المعنى قوله تعالى: (تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا) وإذا علم هذا فما قاله البرماوي في شرحه للبخاري عند قوله: من باب من قال: إن الإيمان هو العمل: (أورثتموها بما كنتم تعملون) من الأمور الثلاثة التي أولها: أن الكافر الذي بكفره ماتت روحه ورث المؤمن منزله الذي لولا كفره لم يصل إليه المؤمن. ثانيها: أن الله تعالى هو المورث ذلك له مجانًا فأشبه أخذ الوارث من مورثه. وثالثها: أنه مجاز عن الإعطاء على طريقة إطلاق الكل وإرادة الجزء محتمل. ولكن الذي اقتصر عليه شيخنا رحمه الله في فتح الباري آخرها فإنه قال: (أورثتموها) أي صيرت لكم إرثا، وأطلق الإرث مجانًا عن الإعطاء لتحقيق الاستحقاق انتهى.