وعن ما اشتهر على الألسنة لا أعلم ما وراء جداري.
فقلت: في ثانيهما لم أقف له على إسناد وقد قلد شيخنا شيخه ابن الملقن رحمهما الله فيتلخيص تخريج الرافعي في إيراده، وعلى تقدير ثبوته فلا تنافي بينهما لعدم تواردهما على محل واحد.
إذ الظاهر من الثاني أن معناه نفي علم المغيبات مما لم يعلم به فإنه صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا بمغيبات كثيرة كانت وتكون.
وحينئذٍ فهو نظير: "لا أعلم إلا ما علمني الله عز وجل"، ولكن قد مشى ابن الملقن وقلده شيخنا على أن معناه نفي الرؤية من خلفه.
وحينئذٍ فلا تنافي بينهما أيضًا إن مشينا على ظاهر الأول في تقييده بالصلاة لكونه فيها لا حائل بينه وبين المأمومين، وإن كان ابن الملقن لم ينظر لهذا، بل جعل الأول مقيدًا للثاني والظاهر ما قلته.
أما على قول مجاهد إن ذلك كان واقعًا في جميع أحواله صلى الله عليه وسلم، فلا، وبالجملة فكل هذا متفرع على ثبوت الثاني ولم أقف له على أصل أعتمده على أن بعضهم زعم أن المراد بالأول خلو علم ضروري له بذلك، والمختار حمله على الحقيقية، ولذلك قال الزين ابن المنير أنه لا حاجة إلى التأويل فإنه في معنى تعطيل لفظ الشارع من غير ضرورة.
وقال القرطبي: إن حمله على ظاهره أولى، لأن فيه زيادة في كرامة النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل: قد روي أنه صلى الله عليه وسلم ورد عليه وفد عبد القيس وفيهم غلام