حتى تروا ما يسركم من الرخاء واليسر، قد رأيتني مكثت ثلاثة ايام من الدهر ما أجد شيئًا آكله حتى خشيت أن يقتلني الجوع فأرسلت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستطعمه لي، فقال: "يا بنية والله ما في البيت طعام يأكله ذو كبد إلا ما ترين ـ لشيء قليل بين يديه ـ ولكن ارجعي فسيرزقكم الله" فلما جاءتني فأخبرتني انقلبت وذهبت حتى آتي بني قريظة فإذا يهودي على شفة بئر فقال: يا عربي هل لك أن تسقي لي نخلي وأطعمك؟ قلت: نعم، فبايعته على أن أنزع كل دلو بتمرة فجعلت أنزع فكلما نزعت دلوًا أعطاني تمرة حتى إذا امتلأت يدي من التمر فعدت فأكلت وشربت من الماء ثم قلت: يا لك بطنًا لقد لقيت اليوم خيرًا، ثم نزعت مثل ذلك لابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وضعت ثم انقلبت راجعًا حتى إذا كنت ببعض الطريق إذا أنا بدينار ملقي فملا رأيته وقفت أنظر إليه أؤامر نفسي أأخذه أم أذرة؟ فأبت نفسي إلا أخذه، وقلت: أستشير رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذته فلما جئتها أخبرتها الخبر قالت: هذا من رزق الله فانطلق فاشتر لنا دقيقًا، فانطلقت حتى جئت السوق فإذا بيهودي من يهود فدك يبيع دقيقًا من دقيق الشعير فاشتريت منه فلما اكتلت قال: ما أنت من أبي القاسم؟ قلت: ابن عمه وابنته امرأتي فأعطاني الدينار فجئتها فأخبرتها الخبر، فقالت: هذا رقز من الله عز وجل فاذهب به فارهنه بثمانية قراريط ذهب في لحم، ففعلت ثم جئتها به فقطعته لها ونصبت ثم عجنت وخبزت ثم صنعنا طعامًا وأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءنا فلما رأى الطعام قال: "ما هذا، الم تأتي آنفًا فتسألني؟ " فقلنا: بلى، اجلس يا رسول الله نخبرك الخبر فإن رأيته طيبًا أكلت، وأكلنا، فأخبرناه الخبر فقال: "هو طيب فكلوا بسم الله" ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فإذا هو بأعرابية تشتد كأنها نزع فؤادها فقالت: يا رسول الله إني أبضع معي بدينار فسقط مني، والله ما أدري أين سقط؟ فانظر بأبي وأمي