قال الآمدي: "إن جميع ما ذكروه منتقض بما وجد من اتفاق جميع المسلمين فضلا عن اتفاق أهل الحل والعقد، مع خروج عددهم عن الحصر على وجوب الصلوات الخمس، وصوم رمضان، ووجوب الزكاة والحج، وغير ذلك من الأحكام التي لم يكن طريق العلم بها الضرورة"1.
2_ إن كانت تلك الدعوى قد تكون مستساغة في العصور الغابرة فلا مجال لها في عصرنا والعصور التالية، لما حققه الإنسان من تقدم في مجال الاتصالات والمواصلات وأجهزة الإعلام. فبفضل المواصلات الحديثة أصبح من السهل جدا أن يعقد قادة الفكر في الأمة ممن بلغوا درجة الإجتهاد ((أهل الإجماع)) مؤتمرا عاما كلما دعت الحاجة وأن يتبادلو وجهات النظر فيما يجد من أحداث وما يطرأ من مشكلات وما اتفقوا عليه كان إجماعا واجب الإتباع من جميع أفراد الأمة. وبفضل أجهزة الإعلام المتنوعة والمتطورة يمكن الإطلاع على الفتاوى التي تصدرها دور الفتوى في كل قطر إسلامي وعلى آراء المجتهدين أينما كانوا، وما اتفقوا عليه كان إجماعا، وهكذا نضمن حلولا وتشريعات جديدة لكل جديد من المحن والتصرفات وتبقى الشريعة _ في ظل أحد مصادرها الإجماع _ حية يجد إنسان العصر فيها الحل المناسب لما يصادفه من وقائع ومشكلات.
وأما بالنسبة لدعوى تعذر الإجماع لاختلاف منازع أهله الفكرية والسياسية فهي كذلك ظاهرة الفساد للآتي:
إن أقصى ما يؤدي إليه اختلافهم هو الحد من الإجماعات ولا يؤدي ذلك إلى استحالة الاتفاق على بعض الأحكام والفتاوى والأقضية بدليل ما نقل إلينا من إجماعات لا زال العمل عليها عند جميع المذاهب الإسلامية حتى عصرنا هذا.
والله أسأل أن يلهمنا الصواب ويوفقنا لخدمة شريعتنا الغراء.
الدكتور رشدي عليان
كلية الدعوة وأصول الدين
الجامعة الإسلامية.