الجد مع الإخوة، ومسألة النية في الطهارات، فهو ممتنع لما فيه من مخالفة الإجماع. وإن كان القول الآخر لا يرفع ما اتفق عليه بل يوافق كل فريق من وجه ويخالفه من وجه كما في مسألة الأم والأب واحد الزوجين فهو جائز لأنه لم يخالف إجماعا1 وأشكل عليهم بأن في ذلك تخطئة كل فريق في بعض ما ذهب إليه وتخطئتهم تخطئة للأمة وذلك محال. فأجاب ابن الحاجب عن ذلك بقوله: "المحال تخطئة الأمة فيما اتفقوا عليه وأما تخطئة كل فريق فيما لم يتفقوا عليه فجائز"2 وبنفس الفكرة وبلفظ مشابه أجاب الآمدي: "المحال إنما هو تخطئة الأمة فيما اتفقوا عليه، وأما تخطئة كل بعض فيما لم يتفقوا عليه لا يكون محالا"3.
وبهذا يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه المتأخرون والمعاصرون وهو التفصيل وذلك ((لأنه إذا رفع مجمعا عليه فقد خالف الإجماع فلم يجز كمسألة الجد والنية، وإذا لم يرفع مجمعا عليه فلا داعي للمنع لأنه لم يخالف إجماعا ولا مانع سواه4.
ثالثا: الإجماع المحصل والمنقول.
يتنوع الإجماع إلى نوعين أيضا: محصل، ومنقول.
أ _ الإجماع المحصل: _ هو الذي يحصله الفقيه بنفسه، وذلك بأن يتتبع رأي كل فرد من مجتهدي عصر في الحادثة التي يريد معرفة حكمها فيجدها متفقة في الحكم. والمحصل هو الذي تقدم البحث عنه، وخلصنا إلى أنه حجة عند جميع المذاهب الإسلامية.
ب_ الإجماع المنقول: وهو الذي لم يحصله الفقيه بنفسه، وإنما وصل إليه عن طريق النقل، سواء أكان هذا النقل بواسطة أو أكثر، والنقل تارة يكون بالتواتر وحكم المتواتر في الحجية حكم الإجماع المحصل عند الجميع5 وتارة أخرى يكون بالآحاد، وهو المراد من الإجماع المنقول عند الإطلاق في عرف الأصوليين.
حجية الإجماع المنقول بخبر الواحد
اختلف الأصوليون في حجية الإجماع المنقول على قولين:
1_ إنه حجة. 2_ إنه ليس بحجة.