فهم كل الأمة بالنسبة إلى تلك المسألة وتجب عصمتهم في ذلك عن الخطأ"1.

وكذلك يكون الإجماع ملزما لمجمعي العصر أنفسهم، فلا يجوز لأحدهم الرجوع عن رأيه وموافقته، واشترط بعض الأعلام2 انقراض عصر المجمعين، فيما إذا كان مستند الإجماع دليلا ظنيا، لا دليلا قطعيا، حتى يكون الإجماع ملزما للجميع. وهو رأي مرجوح لأن الإجماع يُكسِب الحكم القطعية سواء أكان مستنده قبل انعقاد الإجماع دليلا ظنيا أم قطعيا.

قال الغزالي: "إذا اتفقت كلمة الأمة ولو في لحظة انعقد الإجماع، ووجبت عصمتهم عن الخطأ، وقال قوم: لا بد من انقراض العصر وموت الجميع وهذا فاسد، لأن الحجة في اتفاقهم لا في موتهم"3.

مخالفة الإجماع المركب:_

إذا انعقد إجماع مجتهدي عصر على حكمين مختلفين أو أكثر لحادثة. فهل يكون ذلك إجماعا منهم على نفي ما عداها، فلا يجوز لمن بعدهم إحداث حكم سواها، أو لا يكون إجماعا على نفي ما عداها فيجوز إحداث حكم آخر؟.

اختلفت أنظار أعلام الأمة في ذلك، فذهب جمهور العلماء إلى المنع مطلقا4 وذهب بعض إلى الجواز مطلقا5 واختار الآمدي6 وابن الحاجب7 التفصيل، فقالوا: إن كان الحكم الآخر يرفع ما اتفق عليه السابقون امتنع وإلا جاز.

وقبل بيان وجهة نظر كل فريق لا بد من ذكر طائفة من المسائل التي توضح الإجماع المركب.

1_ توريث الجد مع الإخوة: اختلف فيه فقهاء العصر الأول فقال أبو بكر وعمر وابن الزبير وابن عباس _ رضي الله عنهم _ يرث الجد ويحجب الإخوة. وقال علي وزيد بن ثابت _ رضي الله عنهما _: يرث الجد مع الإخوة. وحينئذ فالقول بتوريث الإخوة وحرمان الجد قول ثالث يرفع ما اتفق عليه من توريث الجد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015