عصره ويسكتون بعد علمهم بذلك من غير نكير.
وهذا النوع من الإجماع اختلف أعلام الأمة في تسميته إجماعا كما اختلفوا في حجيته، ولهم في ذلك عدة آراء، أهمها ثلاثة.
الرأي الأول: أنه إجماع وحجة، وهو لأكثر الأحناف، وأحمد بن حنبل وأبي إسحاق الإسفراييني من الشافعية1.
الرأي الثاني: أنه ليس إجماعا ولا حجة، وهو للإمام الشافعي وأكثر أتباعه، وأكثر المعتزلة، والمالكية2.
الرأي الثالث: أنه حجة وليس إجماعا وهو لبعض المعتزلة3.
أ_ وجهة نظر أصحاب الرأي الأول تتلخص في الآتي: _
1_ لو اشترط لانعقاد الإجماع البيان قولا وعملا _ من كل المجتهدين لتعذر انعقاد الإجماع أصلا لتوقفه على شرط متعذر عادة، إذ المعتاد أن يتولى كبار المجتهدين الفتيا والقضاء ويسكت سائرهم موافقة لهم، لأنه لو كان الحكم مخالفا عند الساكت لأعلن النكير وأظهر الخلاف لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، وجماعة المجتهدين لا يتهمون بذلك4.
2_ انعقد الإجماع على أن الإجماع السكوتي حجة قطعية في الأمور الاعتقادية فيكون حجة في الفروع العملية من باب أولى.
وقد منع الشيخ الخضري وغيره دعوى الإجماع هذه، لأنه إن كان إجماعا بيانيا فقد بنوا دليلهم الأول على تعذره، وإن كان إجماعا سكوتيا فهو محل النزاع. كما منعوا دعوى انتفاء الإجماع مع شرط البيان من الكل، لأنهم رفضوا هذه الدعوى عند مناقشة النظام في إحالته انعقاد الإجماع5. وقالوا إن انتشار العلماء وتفرقهم في الأمصار لا يمنع من التساوي في العلم، ووصول الخبر إليهم.
ب_ وجهة نظر أصحاب الرأي الثاني قالوا إن السكوت يحتمل أن يكون للتأمل والنظر، ويحتمل أن يكون خوفا وهيبة من القائل أو المقول، كقول ابن عباس.