معينٍ تحت نوع, وإدخال ذلك النوع تحت نوعٍ آخر بيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم " (?).
ولما كان الاجتهاد في مناطات الأحكام استنباطاً وتنزيلاً من أدقّ أنواع الاجتهاد في الشريعة لقي هذا الموضوع مزيد اعتناءٍ عندي , ووقع عليه الاختيار دون غيره من الموضوعات.
من أهم الأسباب التي دفعتني لبحث هذا الموضوع -إضافةً إلى ماتقدم- مايأتي:
1 - إن شرف العلم بشرف المعلوم، وشرف البحث بشرف المبحوث، وهذا البحث يتعلق بأهم مباحث أصول الفقه , وهو الاجتهاد في الأوصاف والمعاني التي أنيطت بها الأحكام استنباطاً وتنقيحاً وتنزيلاً على الأشخاص والأحوال والوقائع المستجدَّة في كل عصرٍ ومصر.
2 - الاجتهاد في المناط يتعلق غالباً بالنظر في أهم ركنٍ من أركان القياس وهو العِلَّة؛ وذلك لأن الأنواع الثلاثة للاجتهاد في المناط تشترك كلها في أنها تَرِدُ على العِلَّة، إما لتنقيحها إذا كانت العِلَّة منصوصةً واقترنت بها أوصافٌ لاتصلح للعليَّة، أو لتخريجها إذا كانت العِلَّة مستنبطة، أو لتحقيقها في الفرع سواءً ثبتت العِلَّة في حكم الأصل بالنصِّ أو الإجماع أو الاستنباط.
ويعتبر الاجتهاد في العِلَّة من أدقِّ مباحث القياس الأصولي, وأكثرها اشتباهاً, وأشدها التباساً , وهو أمرٌ يستدعي البحث والتحقيق في المطالب المتعلقة بالاجتهاد فيها.
3 - الاجتهاد في المناط يشمل جميع الأحكام الشرعية، فلا يخلو حكمٌ شرعيٌّ من الحاجة إلى النظر في تنقيح المناط أو تحقيقه أو تخريجه.
قال الشاطبي: " ولو فُرِض ارتفاع هذا الاجتهاد - أي: تحقيق المناط - لم تنزَّل الأحكام الشرعية على أفعال المكلَّفين إلا في الذهن؛ لأنها مطلقاتٌ