قال الشافعي رحمه الله: " "فليستْ تنزلُ بأحدٍ من أهل دين الله نازلةٌ إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها." (?).

وقال الخطابي: "الله تعالى لم يترك شيئاً يجب له حكمٌ إلا وقد جعل فيه بياناً، ونصب عليه دليلاً ولكن البيان ضربان، بيانٌ جليٌّ يعرفه عامة الناس كافة، وبيانٌ خفيٌّ لا يعرفه إلا الخاصّ من العلماء الذين عُنوا بعلم الأصول فاستدركوا معاني النصوص، وعرفوا طرق القياس والاستنباط , وردِّ الشيء إلى المثل والنظير" (?).

ولاريب أن العموم في خطاب المكلَّفين وأحكام الواقعات يستلزم الاجتهاد في استنباط المعاني التي أنيطت بها الأحكام في الكتاب والسُّنَّة , ثم الاجتهاد في إدراج الأشخاص المعينة والحوادث المستجدة في كل زمانٍ ومكانٍ تحت تلك المعاني التي أنيطت بها أحكامها.

وذلك لأن " الشريعة لم تنصّ على حكم كلِّ جزئيةٍ على حِدتها , وإنما أتت بأمورٍ كليةٍ وعباراتٍ مطلقةٍ تتناول أعداداً لا تنحصر" (?).

وبناءً على ذلك فإن " كل حكمٍ لله أو لرسوله وُجِدت عليه دلالةٌ فيه أو في غيره من أحكام الله أو رسوله بأنه حُكِم به لمعنىً من المعاني، فنزلت نازلةٌ ليس فيها نصُّ حكمٍ: حُكِم فيها حكمُ النازلة المحكومِ فيها، إذا كانت في معناها" (?).

ويعتبر الاجتهاد في استنباط الأوصاف والمعاني التي أنيطت بها أحكام الشريعة, وتنزيلها على الوقائع والمستجدات المختلفة في كل عصرٍ ومصرٍ من أدقِّ أنواع الاجتهاد في الشريعة.

قال ابن تيمية: " فالكتاب والسُّنة بيَّنا جميعَ الأحكام بالأسماء العامة , لكن يحتاج إدخال الأعيان في ذلك إلى فهمٍ دقيقٍ ونظرٍ ثاقبٍ لإدخال كلِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015