وقد أناط الشارع ذلك المقصود بتحقيق المثلية في القصاص , وهو أن يُفعل بالجاني مثل مافعَلَ بالمجني عليه سواءً بسواء.
قال تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45].
وقال عزَّ مِنْ قائل: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126].
ولا ريب أن عدم تحقيق شرط المثلية في القصاص يجرِّئ الجناة على الاعتداء على الآخرين , ويوغر صدور المجني عليهم , ويثير العداوات التي ليس لها حدّ , ولا يضبطها ضابطٌ إلا الشرع.
وقد اجتهد مجلس مجمع الفقه الإسلامي في تحقيق مناط المثلية في منع إعادة العضو الذي استؤصِل في قصاص , فإذا اعتدى إنسانٌ على آخر فقطع أذنَه -مثلاً- ثم اقتُصَّ منه بقطع أذنه , فإن الجاني لايحقُّ له شرعاً إجراء عملية زراعةٍ لإعادة تلك الأذن إلى مكانها بعد تنفيذ القصاص.
وذلك: " لأنه أبان عضواً من غيره دواماً , فوجبت إبانته منه دواماً؛ لتحقُّق المقاصَّة" (?).
حيث ورد في القرار مانصّه: " بما أن القصاص قد شُرِع لإقامة العدل وإنصاف المجني عليه، وصون حقِّ الحياة للمجتمع، وتوفير الأمن والاستقرار، فإنه لا يجوز إعادة عضوٍ استُؤصِل تنفيذاً للقصاص، إلا في الحالات التالية:
أ- أن يأذن المجني عليه بعد تنفيذ القصاص بإعادة العضو المقطوع من الجاني.
ب- أن يكون المجني عليه قد تمكن من إعادة عضوه المقطوع منه" (?).