وقد اجتهد مجلس مجمع الفقه الإسلامي في تحقيق هذا المناط الكلي في منع إعادة العضو الذي استؤصِل في حدٍّ؛ لأن ذلك يتنافى مع مقصود الشارع من إقامة الحدود , وهو تحقيق الزجر والنكال الذي يحجز الناس عن الإقدام على مايوجب إقامة تلك الحدود.

حيث ورد في القرار مانصّه: " وبمراعاة مقاصد الشريعة من تطبيق الحدّ في الزجر والردع والنكال، وإبقاءً للمراد من العقوبة بدوام أثرها للعبرة والعظة وقطع دابر الجريمة، ونظراً إلى أن إعادة العضو المقطوع تتطلب الفورية في عرف الطب الحديث، فلا يكون ذلك إلاّ بتواطؤٍ وإعدادٍ طبيٍّ خاصٍّ ينبئ عن التهاون في جدّية إقامة الحدِّ وفاعليته، قرر ما يلي:

أولاً: لا يجوز شرعاً إعادة العضو المقطوع تنفيذاً للحد؛ لأن في بقاء أثر الحدِّ تحقيقاً كاملاً للعقوبة المقررة شرعاً، ومنعاً للتهاون في استيفائها، وتفادياً لمصادمة حكم الشرع في الظاهر" (?).

ولا ريب أن الزجر والتنكيل في إقامة الحدود لا يتحقق إلا بتنفيذها وبقاء أثرها إذا توافرت شروطها وانتفت موانعها, وإلا أدَّى ذلك إلى الاستهانة بالحدود والجرأة على موجباتها , فإذا علم السارق -مثلا- أنه يحقُّ له شرعاً إعادة يده إذا قُطِعت في حدِّ السرقة بإجراء زراعةٍ لذلك العضو فإنه قد يتجرأ على السرقة مرةً أخرى, ولا يتحقق حينئذٍ مقصود الشارع من إقامة حدِّ السرقة عليه وعلى مثله بقطع يده التي امتدت على أموال الناس ظلماً وعدواناً.

قال تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} , أي: "مجازاةً على صنيعهما السييء في أخذ أموال الناس بأيديهم , فناسب أن يقطع ما استعانا به في ذلك" (?).

ثانياً: من أعظم مقاصد الشرع في الأمر بالقصاص تحقيق العدل في العقوبات ,وإنصاف المجني عليه ,وصون النفس من الاعتداء عليها بغير حق,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015