تقدم الكلام في الأبواب الأربعة من هذا البحث عن الاجتهاد في المناط بأنواعه الثلاثة , وعلاقته بالأدلة الشرعيَّة , وذلك من الناحية التأصيلية.
وفي هذا الباب الخامس سأتناول الجانب التطبيقي للموضوع , وذلك بذكر بعض النوازل والمستجدات الفقهية , وربط الاجتهاد فيها بالجانب التأصيلي؛ لأن المقصود من التأصيل بناء التطبيقات عليه.
ويهدف هذا الباب إلى ربط الفروع الفقهية بعلم أصول الفقه وقواعده؛ لأن هذا العلم لم يختصّ بإضافته للفقه إلا لكونه مفيداً له ومحققاً للاجتهاد فيه , وهو أمرٌ بالغ الأهمية.
فربط التأصيل بالتطبيق الفقهي يكشف عن مدى أهمية الأصل وضرورة الاعتناء به، و" كلُّ مسألةٍ مرسومةٍ في أصول الفقه، لا ينبني عليها فروعٌ فقهية، أو آدابٌ شرعية، أو لا تكون عوناً في ذلك، فوضعها في أصول الفقه عاريَّة" (?).
وتزداد أهمية ذلك فيما إذا كانت تلك التطبيقات الفقهية من النوازل والمستجدات التي تمسُّ حاجَة الناس في هذا العصر , ويكثر السؤال عن أحكامها في الشرع المطهر, فحينئذٍ تتأكد ضرورة الربط بين الجانب التأصيلي والجانب التطبيقي.