أي: وعلى والد الطفل نفقةُ الوالدات وكسوتهن بما جرت به عادة أمثالهن في بلدهن من غير إسرافٍ ولا إقتار، وبحسب قدرته في يساره وتوسطه وإقتاره (?).
فالآية في هذا الموضع نصَّت صراحةً على ردِّ تقدير النفقة والكسوة إلى العُرف الغالب بين الناس مع مراعاة حال الأب في الغنى والفقر.
قال ابن عبدالسلام: "وقد نصَّ الله على أن الكسوة بالمعروف في قوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وكذلك السكنى وماعُون الدار يرجع فيهما إلى العُرف من غير تقدير، والغالب في كلِّ ما رُدَّ في الشرع إلى المعروف أنه غير مقدَّر، وأنه يُرجَع فيه إلى ما عُرِفَ في الشرع، أو إلى ما يتعارفه الناس" (?).
وقال ابن قدامة: "الصحيح ما ذكرناه، من ردِّ النفقة المطلقة في الشرع إلى العُرف فيما بين الناس في نفقاتهم، في حقِّ الموسِر والمعسِر والمتوسِّط، كما رددناهم في الكسوة إلى ذلك" (?).
وهكذا"كلُّ ما تكرَّر من لفظ "المعروف" في القرآن نحو قوله سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] فالمراد به ما يتعارفه الناس في ذلك الوقت من مثل ذلك الأمر" (?).
ومن صور تحقيق المناط بالعُرْف -أيضاً-: حَمْلُ أحكام الشرع المطلقة التي لم يَرِد فيها تحديدٌ على العُرف الجاري بين الناس عامّةً ,أو بين طائفةٍ منهم , وذلك بحسب الأزمنة والأمكنة والأحوال المختلفة.
قال ابن تيمية: "الأسماء التي علَّق الله بها الأحكام في الكتاب والسُّنَّة: منها ما يُعرَف حدُّه ومسمَّاه بالشرع، فقد بيَّنه الله ورسوله: كاسم الصلاة والزكاة والصيام والحج, والإيمان والإسلام، والكفر والنفاق, ومنه ما يُعرَف