المعروف إلزام المُعْسِر أكثر مما يقدر عليه ويمكنه، ولا إلزام الموسِر الشيءَ الطفيف, ويدل أيضاً على أنها على مقدار الكفاية مع اعتبار حال الزوج، وقد بيَّن ذلك بقوله عقيب ذلك: {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 233]، فإذا اشتطت المرأة وطلبت من النفقة أكثر من المعتاد المتعارف لمثلها لم تُعط، وكذلك إذا قصّر الزوج عن مقدار نفقة مثلها في العُرف والعادة لم يَحِلّ ذلك, وأُجبِر على نفقة مثلها" (?).

2 - قوله تعالى {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89].

فالله تعالى لم يقدِّر الوسط الواجب في كفارة الأيمان، بل إنه أطلقه، وأرجعه في ذلك إلى عُرف الناس, والناس متفاوتون في طعامهم بحسب تفاوت بلدانهم، فكلُّ بلدٍ لها طعامٌ خاص، بل إن البلد الواحد طعامهم متفاوتٌ حسب غناهم وفقرهم، فما اعتُبِر في عرف الناس أنه وسطٌ فهو الواجب، فدلَّ ذلك على أن العُرف مُعْتَبَر في الأحكام الشرعيَّة المطلقة التي لم يَرِدْ فيها تحديدٌ أو تقدير.

قال ابن تيمية: " فأمر الله تعالى بإطعام المساكين من أوسط ما يطعم الناس أهليهم, وقد تنازع العلماء في ذلك: هل ذلك مقدَّرٌ بالشرع أو يُرجَع فيه إلى العُرف .. والراجح في هذا كلِّه أن يُرجَع فيه إلى العُرف فيطعِم كلُّ قومٍ مما يطعمون أهليهم" (?).

3 - حديث هند بنت عتبة، فيما روته عائشة رضي الله عنها: "أن هنداً بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجلٌ شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" (?).

قال ابن قدامة: " فيه دلالةٌ على وجوب النفقة لها على زوجها، وأن ذلك مقدَّرٌ بكفايتها، وأن نفقة ولده عليه دونها مقدَّرٌ بكفايتهم، وأن ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015