أصحابنا وغيرهم يُرْجع في القبض , والإحراز, وكلُّ ما لم يَرِد من الشرع تحديدٌ فيه إلى ما يتعارفه الناس بينهم" (?).
ولقد تظافرت أدلة الكتاب والسُّنَّة على اعتبار العُرف حُجَّةً في الأحكام الشرعيَّة حتى بلغت مبلغ القطع في الدلالة على ذلك , وبناءً على استقراء تلك النصوص المتكاثرة تقررت عند المجتهدين تلكم القاعدة الفقهية الشهيرة "العادة مُحَكَّمة" وما يندرج تحتها من قواعد فرعية (?).
ومحلُّ العمل بالعُرْف: كلُّ ما ورد في الشرع مطلقاً، وليس له حدٌّ في الشرع، ولا في اللغة, فإنه حينئذٍ يُرْجَع فيه إلى العُرْف (?).
ومن أهم الأدلة وأقواها وأوضحها في الدلالة على حجية العرف مايأتي:
1 - قول الله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]
وتحديد الرزق والكسوة ونوعهما تابعٌ للعُرف؛ لأن الله قد أحال إليه.
قال ابن جرير: " (بالمعروف) بما يجب لمِثْلِها على مِثْلِه، إذ كان الله تعالى ذكْرُه قد علم تفاوت أحوال خلقه بالغنى والفقر, وأنَّ منهم الموسِع والمُقْتِر وبيَّن ذلك، فأمر كلاً أن ينفق على من لزمته نفقته من زوجته وولده على قدر ميسرته" (?).
وإذا كان المعروف هو ما يجب لمِثْلِها على مِثْلِه، فإن المثلية هنا لا تُقَدَّر إلا من طريق العُرْف الغالب في كلِّ مجتمعٍ بحسبه.
قال الجصاص: " قوله تعالى: (بالمعروف) يدل على أن الواجب من النفقة والكسوة هو على قدر حال الرجل في إعساره ويساره; إذ ليس من