قال الشاطبي: "قصد الشارع من المكلَّف أن يكون قصده في العمل موافقاً لقصد الله في التشريع، والدليل على ذلك ظاهرٌ من وضع الشريعة، إذ قد مرَّ أنها موضوعةٌ لمصالح العباد على الإطلاق والعموم، والمطلوب من المكلَّف أن يجري على ذلك في أفعاله، وأن لا يقصد خلاف ما قصد الشارع" (?).
و"كلُّ من ابتغى في تكاليف الشريعة غير ما شُرِعت له فقد ناقض الشريعة، وكلُّ من ناقضها فعملُه في المناقضة باطل، فمن ابتغى في التكاليف ما لم تُشْرَع له فعملُه باطل" (?)؛ وذلك لأنَّ "المشروعات إنما وُضِعَت لتحصيل المصالح ودرء المفاسد، فإذا خولِفت لم يكن في تلك الأفعال التي خولِفت بها جلب مصلحةٍ ولا درء مفسدة" (?).
والتحُّيل هو: تقديم عملٍ ظاهر الجواز لإبطال حُكْمٍ شرعيٍّ، وتحويله في الظاهر إلى حُكْمٍ آخر (?).
فالمتحِّيل في فعله يرتكب محظورين (?):
الأول: أنه يقلب أحكام الأفعال ظاهراً، فيجعل الفعل المحرَّم في ظاهر الأمر جائزاً.
والثاني: أنه يهدم مقاصد الشرع من وضع تلك الأحكام، وذلك بجعل الأفعال التي قصد بها الشرع تحقيقَ المصلحة ودرءَ المفسدة وسائلَ إلى قلب تلك الأحكام.
وقد استدلَّ ابن تيمية على إبطال الحيل من أربعة وعشرين وجهاً (?)، وأوصل ابن القيم أدلتها إلى تسعةٍ وتسعين دليلاً (?).