-المُسْتَدِل والمناظِر- على عِلَّة حُكْم الأصل؛ لأنها المقدمة الأولى في تحقيق المناط، فلابدَّ من ثبوتها وفرضها مُسَلَّمَةً عند الخصمين، وإلا فلا يمكن تصُّور تحقيق المناط مع الاختلاف في تلك المقدمة (?)، وليس المقصود أنه يشترط في تحقيق المناط أن تثبت عِلَّة الحُكْم في الأصل بمسلك الإجماع؛ لأن العلماء اختلفوا في تحقيق مناطاتٍ لم تثبت بطريق الإجماع، بل ثبتت بطرق أخرى كالسَّبْر والتقسيم أو المناسبة كما تقدَّم بيانه في عِلَّة تحريم الرِّبا (?).
وحاصل هذه التعريفات أنها تدور حول معنىً واحد، وهو: إثبات عِلَّة حُكْم الأصل في الفرع بعد معرفتها بنصٍّ أو إجماع.
عرَّفه الآمدي بأنه: " النظر في معرفة وجود العِلَّة في آحاد الصور بعد معرفتها في نفسها، وسواءٌ كانت معروفةً بنصٍّ أو إجماعٍ أو استنباط" (?).
وعرَّفه القرافي بقوله: " أن يُتْفَق على عِلَّةٍ، ويُطْلَب تحقيقها في صورة النزاع " (?).
وعرَّفه ابن السُّبكي في " جمع الجوامع " (?) بأنه: " إثبات العِلَّة في آحاد صورها ".
وعرَّفه الإسنوي بأنه: " تحقيق العِلَّة المُتْفَق عليها في الفرع " (?)، أي: إقامة الدليل على وجودها فيه (?).
وظاهر تعريف القرافي وابن السبكي والإسنوي إطلاق القول في طريق معرفة عِلَّة حُكْم الأصل، سواءٌ ثبتت بنصٍّ أو إجماعٍ أو استنباط.