فزعوا إليه عند إرادتهم له، ولم يفزعوا لغيره (?).
وقد ذهب إلى ذلك: ابن السمعاني (?)،
والآمدي (?)، وابن الحاجب (?)، وأكثر الحنفية (?).
واستدلوا بما يأتي:
أولاً: إنه لا معنى للدوران إلا الطَّرْد والعَكْس، والطَّرْد لا يفيد العِلِّيَّة، لأن الطَّرْد معناه سلامته من الانتقاض، وسلامةُ المعنى من مبطِلٍ واحدٍ من مبطلات العِلَّة لا توجب انتفاء كلِّ مبطِل، أما العَكْس فإنه غير معتبرٍ في العِلَلِ الشرعيَّة؛ لأن عدم العِلَّة مع وجود المعلول عِلَّتان على التعاقب، كالبول والمسِّ بالنسبة إلى الحَدَث.
فإذا ثبت أن الطَّرْد والعَكْس غير مفيدين للعِلَّة على جهة الانفراد، فإنهما غير مفيدين لها - أيضاً - على جهة الاجتماع (?).
واعتُرِضَ عليه: بأنه لا يلزم من عدم إفادتهما للعِلِّية منفردين عدم إفادتهما للعِلِّية مجتمعين؛ فإنه يجوز أن يكون للهيئة الاجتماعية تأثيرٌ لا يكون لكلِّ واحدٍ من الأجزاء، كأجزاء العِلَّة، فإن كلَّ جزءٍ لا يُعَدُّ عِلَّةً مستقلةً بمفردة، لكنه متى ما اجتمعت الأجزاء صار الجميع عِلَّةً، كالقتل العمد العدوان، فإنه عِلَّةٌ لوجوب القصاص، لكن أجزائها - وهي القتل العمد