وعدماً، فكذلك دار مع تعيين ذلك الوصف وحصوله في المحلّ، فامتنعت إضافة الحُكْم إلى الوصف، أو تكون العِلَّة مجموعَ الوصف مع تعيُّنِه وحصوله في المحلّ، وذلك يمنع التعدية (?).
وأجيب عنه: بأن التعيين والحصول في المحلِّ أمران عدميان، إذ لو كانا وجوديين لزم أن يكون للتعيين تعيُّنٌ آخر، وللحصول في المحلِّ حصولٌ آخر فيتسلسل، ضرورةَ مشاركةِ التعيينِ حينئذٍ لسائر التعيينات في كونه تعيُّناً، وامتيازه عنها بخصوصية، وكذا الحصول في المحلِّ فإنه حينئذٍ يكون له حصولٌّ في المحل؛ إذ هو ليس بجوهرٍ قائمٍ بنفسه، وهو معلومٌ بالضرورة، فيكون له حصولٌ في المحلّ، فثبت أنهما أمران عدميان، وحينئذٍ لا يجوز أن يكونا جزئي عِلَّة ولا مزاحماً لها (?).
ثانياً: أن من دُعِيَ باسمٍ فغضب، ولا يغضب إذا دُعِىَ بغيره، ثم تكرر الغضب مع تكرر مناداته بذلك الاسم، فإنه يحصل الظنُّ بأنه إنما غضب لأنه دُعِيَ بذلك الاسم، وهذا الظنُّ إنما حصل من الدوران، وإذا ثبت أن الدوران يفيد ظنَّ العِلِّيَّة في مثل هذه الصورة فإنه يجب أن يثبت الظنُّ في غيرها؛ لأن هذا من العدل الذي أمر الله به، وهو التسوية، ولن تحصل التسوية بين الدورانات إلا بعد إشراكهما في إفادة الظنّ (?).
ثالثاً: إن العقلاء بأسرهم مع اختلاف عقائدهم وآرائهم يفزعون في أمر الأدوية والأغذية إلى التجربة، فهم عندما يرون أن التجارب أثبتت أن الأثر الفلاني مما يُعَدُّ صحةً ونشاطاً قد حصل عند استعمال الدواء أو الغذاء الفلاني وتكراره، ولم يحصل حالة انعدامها، فإنهم سيتمسكون به عندما يريدون الحصول على ذلك الأثر، ولولا غلبة ظنِّهم أن استعماله سببٌ لذلك الأثر لما