في القرآن الكريم وغيره، وذَكَرَ بعض آثاره العقائدية والتاريخية في كتابه: " أضواء البيان" (?) عند كلامه في سورة مريم على قوله تعالى: {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78)} [مريم: 78]، وهو من الشواهد الظاهرة على اعتبار دليل السَّبْر والتقسيم دليلاً عاماً لا يقتصر الاستدلال به على إثبات العِلَل.

ثانياً: إن أصحاب الاتجاه الثاني يعتبرون تنقيح المناط هو الإلحاق بإلغاء الفارق، ولذلك يفرِّقون بينه وبين السَّبْر والتقسيم بأن تنقيح المناط لا يجب فيه تعيين العِلَّة، ولا يُحْتَاج فيه إلى التعرُّض للعِلَّة الجامعة، بل يُتعرَّض فيه للفارق، ويُعْلَم أنه لا فارق إلا كذا، ولا مدخل له في التأثير، أما السَّبْر والتقسيم فلابدَّ فيه من تعيين الجامع والاستدلال على العِلِّية.

وقد تَقَدَّمت مناقشة ذلك وبيان الفرق بين تنقيح المناط وإلغاء الفارق، وأن تنقيح المناط هو تهذيب العِلَّة وتمييزها، فلابدَّ فيه من تعيين العِلَّة، وإلا لم تصدق تسمية ذلك بـ" تنقيح المناط "، أما في إلغاء الفارق فيُكْتَفى بإبطال الوصف الفارق بين الأصل والفرع، وبيان أن لا مدخل له في التأثير (?).

ثالثاً: إن أصحاب الاتجاه الثالث يعتبرون أن تنقيح المناط هو نفسه استخراج العِلَّة بطريق السَّبْر والتقسيم؛ لأنه يقال في طريقة إيراد تنقيح المناط - بناءً على تعريفهم تنقيح المناط بأنه: إلغاء الفارق -: حُكْم الأصل لابدَّ له من عِلَّة، وهي إما جهة الاشتراك أوجهة الامتياز، والثاني باطل، فيتعين الأول، وجهة الاشتراك حاصلةٌ في الفرع، فعِلَّةُ الحُكْم حاصلةٌ في الفرع، فيلزم تحقيق الحُكْم في الفرع.

وهذه الطريقة يعتبرها أصحاب الاتجاه الثالث هي طريقة السَّبْر والتقسيم من غير تفاوت.

وقولهم هذا غير مسلَّم؛ لأمورٍ ثلاثة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015