وَذَكَرَ أَهْلُ الْمَغَازِيْ مِنْهُمْ سَعِيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيْدٍ إِلَّامَوِيُّ إِنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا لَمَّا دُفِنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِيْ حُجْرَتِهَا صَارَتْ تَحْتَجِبُ مِنَ الْقَبْرِ فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُا.
وَأَسْنَدَ الْحَاكِمُ فِيْ مُسْتَدْرَكِهِ ثَنَا أَبُوْأُسُامَةَ عَنْ هِشَامٍ: وَاللهِ مَا دَخَلْتُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُوْدٌ عَلَيَّ ثِيَابِيْ حَيَاءً مِنْ عُمَرَ" وَقَالَ: صَحِيْحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ. (?)
قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ عِمَادُالدِّيْنِ بْنُ كَثِيْرٍ: وَوَجْهُ هَذَا مَا قَالَهُ شَيْخنَا الْإِمَام أَبُوالْحَجّاجِ الْمِزِّيُّ أن الشُّهَدَاءكالْأَحْيَاءِ فِي قُبُوْرِهِمْ وَهَذِهِ أَرْفَعُ دَرَجَةً فِيْهِمْ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَأَيْضًا فَإِنَّ حِجَابَهُنَّ كَثِيْفٌ غَلِيْظٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ.
فَإِنْ قِيْلَ: فَقَدْ رَوَى التِّرْمَذِيُّ عَنْهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُا قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ: يَعْنِيْ قَصِيْرَةٌ. فَقَالَ لَهَاالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ" قَالَ: التِّرْمَذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيْحٌ. (2)
أَيْ يَتَغَيَّرُ بِهَا طَعْمُهُ أَوْ رِيْحُهُ لِشِدَّةِ نَتْنِهَا
فَالْجَوَاب: إِنَّمَا صَدَرَ هَذَا القَوْلُ عَنْ عَائِشَةَ مَعَ وَفُوْر فَضْلِهَا وَكَمَالِ عَقْلِهَا لِفَرَطِ الْغَيْرَةِ الْغَرِيْزِيَّةِ الَّتِيْ جُبِلَتْ عَلَيْهَا القُلُوْبُ الْبَشَرِيَّةُ.
وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي إِلَّاكْمَالِ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا رَمَتْ زَوْجَهَا بِالْفَاحِشَةِ عَلَى جِهَة الْغَيْرَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ. قَالَ: وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا تَدْرِي الْغَيْرَاءُ أَعْلَى الْوَادِيْ مِنْ أَسْفَلِهِ.