فِيْ تَفْضِيْلِ أَبِيْ بَكْرٍ وَعَلِيٍّ فَقَدْ غَلَطَ فِيْ ذَلِكَ وَوَهِمَ؛ لَاسِيِّمَا وَثَبَتَ بِأَنَّ مَنْ كَانَ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ مِنَ السَّلَف أَبُوْسَعِيْدٍ الْخُدْرِيُّ. وَهَذَا بَعِيْدٌ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِيْ صَحِيْحِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِيْ زَمَانِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَاب رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ.
وَقَدْأَنْكَرَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ صِحَّة هَذَا الْخَبَروَقَالَ: إِنَّهُ غَلَطٌ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ هَارُوْنِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعت يَحْيَى بْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: مَنْ قَالَ: أَبُوْ بَكْرٍ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَعَرَفَ لِعَلِيٍّ سَابِقَتَهُ وَفَضْلَهُ فَهُوَ صَاحِبُ سُنَّةٍ. وَمَنْ قَالَ: أَبُوْ بَكْرٍوَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَعُثْمَانُ وَعَرَفَ لِعُثْمَانَ سَابِقَتَهُ وَفَضْلَهُ فَهُوَ صَاحِبُ سُنَّةٍ".
فَذَكَرْتُ لَهُ هَؤُلَاءِ الَّذِيْنَ يَقُوْلُوْنَ: أَبُوْ بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَيَسْكُتُوْنَ. فَتَكَلَّمَ فِيْهِمْ بِكَلَامٍ غَلِيْظٍ. (1)
وَهَذَا عَجِيْبٌ لِأَنَّ ابْنَ مَعِيْنٍ إِنَّمَا أَنْكَرَعَلَى رَأْيِ قَوْمٍ لَا عَلَى نَقْلِهِمْ وَهَؤُلَاءِ القَوْمُ الْعُثْمَانِيَّةُ الْمُغَالُوْنَ فِيْ عُثْمَانَ وَذَمِّ عَلِيٍّ. وَمَنْ قَالَ: ذَلِكَ وَاقْتَصَرَ عَلَى عُثْمَانَ، فَلَا شَكّ أَنَّهُ مَذْمُوْمٌ وَلَيْسَ فِي الْخَبَرمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا لَيْسَ بِخَيْرِ النَّاسِ بَعْدَهُمْ.
الثَّانِي: خِلَافُ قَوْلِ أَهْل السُّنَّةِ إِنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ عُثْمَانَ. هَذَا لَا خِلَافَ فِيْهِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوْا فِيْ تَفْضِيْلِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ.
قَالَ: وَاخْتَلَفَ السَّلَف أَيْضًا فِيْ تَفْضِيْلِ عَلِيٍّ وَأَبِيْ بَكْرٍ.
... وَفِيْ إِجْمَاعِ الْجَمَاعَةِ الَّتِيْ ذَكَرْنَا دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيْثَ ابْنَ عُمَرَ وَهْمٌ غَلَطٌ.
وَهَذَا أَعْجَبُ مِنَ الْأًوَّل فَإِنَّ الْحَدِيْث صَحِيْحٌ أَوْرَدَهُ الْأَئِمَّة الْبُخَارِيُّ
فَمَنْ دُوْنَهُ فِيْ كُتُبِهِمِ الصِّحَاحِ.
وَالْحَامِلُ لَهُ