آَيَةِ الْحِجَاب عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ الْخَنْدَقِ. وَقَدْ ثَبَتَ بِلَارَيْبٍ أَنَّ سَعْدَ ابْنَ مُعَاذٍ تُوُفِّيَ عَقِبَ الْخَنْدَقِ؛ وَعَقِبَ حُكْمِهِ فِي بَنِيْ قُرَيْظَةَ. وَلَمْ يَكُن بَيْنَ الْخَنْدَقِ وَقُرَيْظَةَ غَزَاةٌ. وَلِهَذَا يَعْدِلُ الْبُخَارِيُّ فِي أَكْثَرِ رِوَايَاتِهِ لِحَدِيْثِ الْإِفْك عَنْ نِسْبَةِ سَعْدٍ إِلَى أَبِيْهِ فَيَقُوْلُ: فَقَامَ سَعْدٌ أَخُوْ بَنِيْ عَبْدِ الْأَشْهَلِ" وَهَذِهِ رِوَايَتُهُ فِي الْمَغَازِي. وَقَالَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ.

فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عَلَى قَوْلِهِ: " قَبْلَ الْخَنْدَقِ" لِأَنَّ الْخَنْدَقَ كَانَتْ فِي آخِرِ السَّنَةِ فِي شَوَّالٍ وَاتَّصَلَتْ بِغَزْوَةِ قُرَيْظَةَ. وَعَلَى هَذَا فَيَصِحُّ أَنْ يَكُوْنُ الْمُرَادُ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ هُوَ: سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ.

... وَقَدْ تَقَدَّمَ وَهْمٌ آَخَرُ: وَهُوَ رِوَايَةُ مَسْرُوْقٍ عَنْ أُمِّ رُوْمَانَ.

وَأَجَابَ الْقَاضِيْ أَبُوْ بَكْرٍ ابْنُ الْعَرَبيِّ عَنْ هَذَا بأَنَّهُ جَاءَ فِي طَرِيْق: حَدَّثَتْنِيْ أُمُّ رُوْمَانَ" وَفِي أُخْرَى: عَنْ مَسْرُوْقٍ عَنْ أُمِّ رُوْمَانَ" مُعَنْعَنًا.

قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: وَالْعَنْعَنَةُ أَصَحُّ فِيْهِ وَإِذَا كَانَ الْحَدِيْث مُعَنْعَنًا كَانَ مُحْتَمِلًا وَلَمْ يَلْزَمْ فِيْهِ مَا يَلْزَمُ فِي " حَدَّثَنِيْ"لِأَنَّ لِلرَّاوِيْ أَنْ يَقُوْلَ: عَنْ فُلَانٍ" وَإِنَّ فُلَأَنَا لَمْ يُدْرِكْهُ. حَكَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ.

... فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَوْهَامٍ ادُّعِيَتْ فِي حَدِيْثِ الْإِفْك:

وَهْمٌ فِيْ بَرِيْرَةَ

وَوَهْمٌ فِيْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ

وَوَهْمٌ فِيْ أُمِّ رُوْمَانَ

وَالثَّلَاثَةُ ثَابِتَةٌ فِي الصَّحِيْحِ فَلَا يَنْبَغِيْ الْإِقْدَامُ عَلَى التَّوْهِيْمِ إِلَّا بِأَمْرٍ بَيِّنٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَدْفَعُ الْكُلَّ.

الثَّامِنُةُ: لَمْ يَنْزِلْ بِهَا أَمْرٌ إِلَّا جَعَلَ الله ِلَهَا مِنْهُ مَخْرَجًا وَلِلْمُسْلِمِيْنَ بَرَكَةٌ.

التَّاسِعُةُ: أَنَّ جِبْرِيْلَ أَتَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيْرٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015