رغم أنَّ كلام الإمام مالك رحمه الله واضح غايةَ الوضوح، ظاهر مراده به تمام الظهور، من خلال سياق الأثر نفسه، ومن خلال القصة التي ورد فيها، ومن خلال منهج الإمام مالك في الصفات عموماً، ومن خلال أيضاً مقارنته بأقوال غيره من أئمة السلف، إلاّ أنَّ أهل الأهواء قد فهم بعضهم من كلامه رحمه الله خلاف ما أراد، وبنوا عليه خلاف ما قصد.
والإمام مالك رحمه الله وغيره من أئمة السلف كالشافعي وأحمد وابن المبارك وحماد بن زيد والأوزاعي وغيرهم يُنقل عنهم نقول كثيرة في تقرير العقيدة وإثبات الصفات والرد على المعطِّلة وذمّ المبتدعة وهجرانهم وعقوبتهم "وهذه الأقوال سمعها طوائف مِمَّن اتبعهم وقلّدهم ثم إنَّهم يخلطون في مواضع كثيرة السنة والبدعة، حتّى قد يبدّلون الأمر، فيجعلون البدعة التي ذمّها أولئك هي السنة، والسنة التي حمدها أولئك هي البدعة، ويحكمون بموجب ذلك، حتى يقعوا في البدع والمعاداة لطريق أئمتهم السنيّة، وفي الحب والموالاة لطريق المبتدعة التي أمر أئمتهم بعقوبتهم، ويلزمهم تكفير أئمتهم ولعنهم والبراءة منهم.....
ومن أمثلة ذلك: أنَّ كلام مالك في ذم المبتدعة وهجرهم وعقوبتهم كثير، ومن أعظمهم عنده الجهمية الذين يقولون: إنَّ الله ليس فوق العرش، وإنَّ الله لم يتكلّم بالقرآن كله، وإنَّه لا يُرى كما وردت به السنة، وينفون نحو ذلك من الصفات.