الحمد لله أوَّلاً وآخِراً، والشكر له ظاهراً وباطناً على توالي نِعمه وترادف مِننه، ونسأله سبحانه أن يوزعنا شكرها {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} 1، وبعد:
فقد تمَّ في هذا البحث الحديث مفصّلاً عن الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في جواب من سأله عن كيفية استواء الله على عرشه، وتبيّن فيه ثبوت هذا الأثر عنه رحمه الله، وأنَّ المسلمين تلقّوه بالقبول، وليس في أهل السنة من ينكره، بل إنَّ أهل العلم استحسنوه واستجودوه وائتموه به، وعدّوه أنبل جواب قيل في هذه المسألة، وجعلوه قاعدةً مطردة تطبق في جميع الصفات، فمن سأل عن كيفية أيِّ صفة لله قيل له ما قاله الإمام مالك رحمه الله في جواب من سأله عن كيفية الاستواء، ولهذا يمكن أن نقول عموماً: "الصفات معلومة، وكيفياتها مجهولة، والإيمان بها واجب، والسؤال عن كيفياتها بدعة"، كما انتظم هذا البحث ذكر الشواهد على هذه الكلمة من الكتاب والسنة، وإيراد نظائر لها عن أئمة السلف رحمهم الله، واشتمل أيضاً على بيان مدلولات هذه الكلمة والأمور المستفادة منها، والرد على المخالفين والمحرِّفين، وإبطال ما قام به بعضهم من محاولةٍ لتحريف معنى هذا الكلام وصرفها عن معناها الصحيح، ثم ذِكر بعض الفوائد العامة المستفادة من القصة والسياق الذي وردت فيه هذه الكلمة، وإني لأرجو أن تكون هذه الدراسة أنموذجاً للعناية بالآثار المرويّة عن السلف رحمهم الله، وإعطائها حقَّها من الدراسة والتحقيق واستخراج الفوائد،