وَأما ثَانِيًا؛ فَلِأَن توصيفه الضَّعِيف بقوله لَا يحل الْعَمَل بِهِ لَا يَخْلُو عَن مغالطة وَاضِحَة فَإِن كَون الْعَمَل لَا يحل بالضعيف مُطلقًا بَاطِل قطعا نعم الضَّعِيف الَّذِي لَا يَخْلُو سَنَده من مَتْرُوك وساقظ كَذَّاب، ومتهم لَا يعْمل بِهِ لشدَّة ضعفه كَمَا بَسطه الْحَافِظ ابْن حجر وَغَيره والْحَدِيث الَّذِي نَحن فِيهِ وَإِن صرح بَعضهم بضعفه لَكِن لم يُصَرح أحد مِنْهُم بِشدَّة ضعفه بِحَيْثُ يخرج عَن قابلية الِاحْتِجَاج وَالْعَمَل على وَقفه.
وَأما ثَالِثا: فَلِأَن قَوْله كل من لَهُ ممارسه إِلَخ مغالطة أَيْضا فَإِن أَجله المهرة فِي هَذَا الْفَنّ النقي المشتغلين صباحا ومساءا بِالْحَدِيثِ النَّبَوِيّ كمسلم وَأبي دَاوُد وَالْمُنْذِرِي والعسقلاني والاجري وَغَيرهم مِمَّن مر ذكرهم لم يَجدوا فِي حَدِيث صَلَاة التَّسْبِيح مَا وجدوه فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وَلم يعدوه فِي عداد الْأَخْبَار الْمُخْتَلفَة مَعَ قُوَّة نقدهم وَكَمَال مهارتهم فَمن هُوَ من حمال الْآثَار يُخَالف هَؤُلَاءِ الْكِبَار ويجد فِيهِ مَا لم يجده أولو الْأَبْصَار إِلَّا أَن يكون علمه أكبر من فهمه وفهمه أنقص من نظره.
وَأما رَابِعا؛ فَلِأَن قَوْله وَقد جعل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَخ كلمة حق لم تقع فِي موقعها فَلَا عِبْرَة بهَا، فَافْهَم واستقم.
اعْلَم أَن أَكثر أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة وَكثير من الْمَشَايِخ الصُّوفِيَّة قد ذكرُوا فِي كَيْفيَّة صَلَاة التَّسْبِيح الْكَيْفِيَّة الَّتِي حَكَاهَا التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن عبد الله ابْن الْمُبَارك الخالية عَن جلْسَة الاسْتِرَاحَة والمشتملة على التسبيحات قبل الْقِرَاءَة وَبعد الْقِرَاءَة وَذَلِكَ لعدم قَوْلهم بجلسة الاسْتِرَاحَة فِي غَيرهَا من الصَّلَوَات الرَّاتِبَة وَالشَّافِعِيَّة والمحدثون أَكْثَرهم اخْتَارُوا الْكَيْفِيَّة الْمُشْتَملَة على جلْسَة الاسْتِرَاحَة وَقد علم مِمَّا أسلفنا أَن الْأَصَح ثبوتاً هُوَ هَذِه الْكَيْفِيَّة فليأخذ بهَا من يُصليهَا حنفيا كَانَ أَو شافعيا فَإِن جلْسَة الاسْتِرَاحَة وَإِن لم تذْهب الْحَنَفِيَّة إِلَى استنائها فِي الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة وَأَجَابُوا عَن الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِيهَا على وُقُوعهَا فِي بعض الْأَوْقَات لعذر من الْأَعْذَار الشَّرْعِيَّة لَكِن مَعَ ذَلِكَ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَو فعل ذَلِكَ لَا بَأْس فِي المفروضات وَالْقَوْل بكراهتها فِيهَا مُطلقًا