وَمن مُنكرَات هَؤُلَاءِ اعْتِقَادهم الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِي هَذِه الصَّلَوَات فِي رسائل الصُّوفِيَّة صَحِيحَة غير ضَعِيفَة، وَهُوَ خطأ عَظِيم وَغلط جسيم وَقَعُوا فِيهِ من جِهَة مُجَرّد حُسن الظَّن بالصوفية من دون المهارة العلمية وَمن دون عدم معرفَة مَرَاتِب الرِّجَال وَعدم امتيازهم بَين الصُّوفِيَّة وَبَين نقاد الرِّجَال وَقد مر منا مَا يتَعَلَّق بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة فِي الْمُقدمَة.
وَمن مُنكرَات هَؤُلَاءِ ظنهم أَن هَذِه الصَّلَوَات ثَابِتَة فِي حَضْرَة الرسَالَة اعْتِمَادًا على ذكر طَائِفَة الْولَايَة.
وَهُوَ أَيْضا خطأ منشأه عدم الامتياز بَين مَرَاتِب الصُّوفِيَّة وَبَين مَرَاتِب نقاد ظَاهر الشَّرِيعَة.
وَمن مُنكرَات هَؤُلَاءِ جعل الشَّرِيعَة مُخَالفَة للطريقة وظنهم أَن مَسْلَك عُلَمَاء ظَاهر الشَّرِيعَة غير مَسْلَك عُلَمَاء الْحَقِيقَة وَمن ثُمَّ تراهم يَقُولُونَ هَذِه الصَّلَاة أَو هَذَا الْورْد أَو هَذَا الْعقل الْفُلَانِيّ ثَابت مِمَّن أُوتِيَ الْعلم اللدني فيكفينا ذَلِكَ وَأَن لم يُوَافقهُ ظَاهر الشَّرْع أَو ورد مَا يُخَالِفهُ فِيمَا هُنَالك، وَكَثِيرًا مَا يتفوهون بِمثل هَذَا فِي بحث المزامير عِنْد عرض الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْوَارِدَة فِي حرمتهَا عَلَيْهِم وإلزامهم بِأَحْسَن التقارير.
وَهَذَا وهم فَاسد وَفهم كاسد فقد أجمع عُلَمَاء الْإِسْلَام من حَملَة ألوية الشَّرْع والمشايخ الْكِرَام على أَن كل طَريقَة مُخَالفَة للشريعة مَرْدُودَة وَأَنه لَا يَسْتَقِيم أَمر التصوف وَالْولَايَة إِلَّا بإتباع الشَّرِيعَة وَأَنه لَا مُنَافَاة وَلَا مباينة بَين الشَّرِيعَة والطريقة وكبراء الصُّوفِيَّة أبرياء من هَذِه الوسمة القبيحة.
وَالْقَوْل الفيصل فِي هَذَا الْمقَام الْخَالِي عَن ظلمات الأوهام هُوَ أَن الصَّلَوَات الَّتِي ذكرتها طَائِفَة كبراء الصُّوفِيَّة منقسمة إِلَى قسمَيْنِ: أَحدهمَا مَا وجدوا فِيهِ حَدِيثا مرويا فظنوه صَحِيحا نجيحا لحسن ظنهم بِأَهْل الْإِسْلَام وتباعدهم عَن مظان الأوهام واستبعادهم أَن ينْسب إِلَى النَّبِي أحد من الْمُسلمين قولا لم يقلهُ أَو فعلا لم يَفْعَله أَو فَضِيلَة خلت عَنهُ ذَات رَحْمَة الله للْعَالمين. فَلم يتوجهوا إِلَى نقد الرِّجَال وَلَا تعرضوا الْكَثْرَة القيل والقال