وَمِنْهُم من قَالَ فِي تَخْصِيص ليَالِي السّنة وأيامها الْخَاصَّة بأنواع الْعِبَادَة لم تثبت فِي الشَّرِيعَة.
وَفِيه أَن تَخْصِيص الْأَيَّام المتبركة والليالي المتشرفة بالعبادات المتفرقة قد ثَبت بالأحاديث النَّبَوِيَّة ومنكره إِمَّا جَاهِل وَإِمَّا أعمى. وَمن كَانَ فِي هَذِه الدَّار أعمى فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى وَأما متعنت حائد عَن الطّرق السوية.
وَأما الْفرْقَة الثَّانِيَة؛ وَهِي الْمَعْرُوفَة بفرقة المشيخة فقد تقابلت مَعَ الْفرْقَة الأولى تقَابل الأضداد بالأضداد وأفسد عقائد أَرْبَاب الْإِرَادَة والأوراد.
فَمن مُنكرَات هَؤُلَاءِ الْتِزَام أَمْثَال هَذِه الصَّلَوَات المأثورة عَن الصُّوفِيَّة أَكثر من الْتِزَام التطوعات الثَّابِتَة بالنصوص الشَّرْعِيَّة فَإِنِّي رَأَيْت كثيرا مِنْهُم لَا يلتزمون أَدَاء صلوَات الْإِشْرَاق وَالضُّحَى وَصَلَاة الزَّوَال وَصَلَاة الْأَوَّابِينَ وَالسّنَن والغير الرَّاتِبَة قبل الْعَصْر وَبعد الْعشَاء وَبعد الظّهْر وَصَلَاة التَّهَجُّد وَغَيرهَا مِمَّا وَردت بفضلها الْأَخْبَار النَّبَوِيَّة ويهتمون بأَدَاء الرغائب وَصَلَاة عَاشُورَاء وَصَلَاة لَيْلَة الرغائب وَصَلَاة حفظ الْإِيمَان وقهر النَّفس وَغَيرهَا مِمَّا ذكرهَا الصُّوفِيَّة.
وَهَذَا لعمري عدوان أَي عدوان وطغيان أَي طغيان فَأن كل أحد يعلم أَن الْعِبَادَة الَّتِي رغب إِلَيْهَا صوفي وَلَو كَانَ من أكَابِر الْأَوْلِيَاء تفضل عَلَيْهَا الْعِبَادَة الَّتِي رغب إِلَيْهَا سيد الْأَنْبِيَاء وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ القوى.
وَمن مُنكرَات هَؤُلَاءِ مَا رَأَيْت فِي كثيرين أَنهم يهتمون بآراء هَذِه الصَّلَوَات أَكثر من اهتمام المفروضات وَلَا يحصل لَهُم الذَّوْق والخشوع وَفِي المفروضات مَا يحصل لَهُم فِي هَذِه الصَّلَوَات بل بَعضهم يتركون حُضُور الْمَسَاجِد وجماعات الصَّلَوَات لاشتغالهم بِمثل هَذِه الأوراد والصلوات.
وَهَذِه جَهَالَة كَبِيرَة وضلالة كَثِيرَة حَيْثُ يتركون مَا هُوَ الْمسنون أَو الْوَاجِب ويهتمون بِمَا لَيْسَ بِفَرْض وَلَا وَاجِب ونظيرة الَّذِي هُوَ من مَكَائِد إِبْلِيس الْخفية أَن كثيرا مِنْهُم لَا يحصل لَهُم الذَّوْق والشوق والوجد فِي سَماع الْقُرْآن والتلاوة مثل مَا يحصل لَهُم من سَماع الْأَشْعَار الْمَخْصُوصَة والمزامير الْمُحرمَة.