ولنذكر هَهُنَا نبذا من أَقْوَال الْفرْقَتَيْنِ ونبين مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا بِحَيْثُ يخْتَار منصف الْقلب وَالْعين ثُمَّ نحق الْحق ونبطل الْبَاطِل وَلَو كره الْجَاهِل الخامل أَو الْفَاضِل الغافل ولمثل هَذَا فليعمل الْعَامِلُونَ وَلَو كره الجاهلون من غير خوف أَن تلومه اللائمون الغافلون.
وَأما الْفرْقَة الأولى؛ فَمنهمْ من قَالَ أَن هَذِه الصَّلَوَات بتراكيب مَخْصُوصَة لم تثبت عَن صَاحب الشَّرِيعَة فَهِيَ بِدعَة وَلَك بِدعَة ضَلَالَة وَفِيه أَن كُلية كل بِدعَة ضَلَالَة مَخْصُوص الْبَعْض أَن أُرِيد بالبدعة مَعْنَاهَا اللّغَوِيّ فتستثنى الْبِدْعَة الْوَاجِبَة والمندوبة والمباحة فَإِن الْبِدْعَة بِالْمَعْنَى اللّغَوِيّ منقسمة إِلَى الْأَقْسَام الْخَمْسَة هَذِه الثَّلَاثَة والمكروهة والمحرمة وَإِن أُرِيد بهَا الْمَعْنى الشَّرْعِيّ وَهُوَ مَا استحدث من غير دلَالَة أحد من الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة فالكلية صَحِيحَة وليطلب الْبسط فِي هَذَا الْبَحْث من رسائلي ترويح الْجنان بتشريح حكم شرب الدُّخان وَالتَّحْقِيق العجيب فِي التثويب وَإِقَامَة الْحجَّة على أَن الْإِكْثَار فِي التَّعَبُّد لَيْسَ ببدعة وآكام النفائس فِي أَدَاء الْأَذْكَار بِلِسَان الْفَارِس، وَبِالْجُمْلَةِ فالضلالة لَيست إِلَّا الَّتِي لم يدل عَلَيْهَا دَلِيل شَرْعِي أصلا لَا بِنَفسِهَا وَلَا بنظيرها، وَلم تدخل تَحت العمومات الشَّرْعِيَّة لَا مَا عَداهَا وَإِن صدق عَلَيْهَا الْبِدْعَة اللُّغَوِيَّة، وَمن الْعُلُوم أَن هَذِه الصَّلَوَات الْمَخْصُوصَة لَيست كَذَلِك فَإِن الْمَرْء مُخَيّر فِيمَا يَنَالهُ يصلى التَّطَوُّع مَا شَاءَ وَكَيف شَاءَ فَإِن الصَّلَاة خير مَوْضُوع من شَاءَ فليقلل وَمن شَاءَ فليكثر مَا لم يدل دَلِيل يمْنَع عَنهُ ويزجر.
وَمِنْهُم من قَالَ أَن هَذِه الدَّعْوَات الْخَاصَّة الَّتِي ذكروها أَن يَدْعُو بهَا