جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} 1.

والمعنى: (أي يزين بعضهم لبعض الأمر الذي يدعون إليه من الباطل، ويزخرفون العبارات حتى يجعلوه في أحسن صورة، ليغتر به السفهاء، وينقاد إليه الأغبياء الذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني، بل تعجبهم الألفاظ المزخرفة المموهة، فيعتقدون الحق باطلاً، والباطل حقاً، ولهذا قال تبارك وتعالى {وَلِتَصْغَى إِلَيْهَِ} أي ولتميل إلى ذلك الكلام المزخرف {أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} لأن عدم إيمانهم باليوم الآخر وعدم عقولهم النافعة يحملهم على ذلك) 2.

وهذا يدل على التأثير الفاعل للكلمة المزخرفة على من ضعفت قلوبهم ووهنت عقولهم، فربما أحدثت أثراً تربوياً سيئاً في التصور والفعال والأخلاق.

4- تربية الذوق اللفظي وترسيخ المعاني:

لاستماع وقراءة الكلمات والعبارات والقصائد والنثر الأدبي الجميل أثر في حس المستمع والقارئ إذ تغرس فيه تذوق الكلمات واستشعار جمال مبانيها، ومحسناتها البديعية، وتراكيبها اللغوية، بما شملته من جناس وطباق وتشبيه حتى يألف حسه تلك الجمل والعبارات فينمو ذوقه اللغوي كما ينمو ذوقه الفكري.

ففي التعود على الألفاظ الجميلة وتربية اللسان عليها أثر عظيم الفائدة على المستمع أو القارئ؛ ذلك أن المتكلم يسحر الألباب بعذوبة ألفاظه وحسن بلاغته وجمال تراكيب كلامه، وقد كان للسلف عناية باللغة وألفاظها، فعن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015