بعضها مباشر الأثر وبعضها مكنون الأثر، وبيانها فيما يلي:

1- الإصغاء للكلمة الجميلة:

الكلمة الجميلة تأسر مستمعها، وتجعله يتابع أحداث معانيها ودلالاتها في تفاعل وتأثر؛ لأنها تجذب عواطفه وتأخذ بألبابه، فذاك عمر بن الخطاب رضي الله عنه تقدم عليه وفود أهل البلدان، فيتقدم إليه وفد أهل الحجاز، فاشرأب منهم غلام للكلام فقال عمر: يا غلام ليتكلم من هو أسن منك فقال الغلام: يا أمير المؤمنين! إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، فإذا منح الله عبده لساناً لافظاً وقلباً حافظاً, فقد أجاد له الاختيار، ولو أن الأمور بالسن لكان هاهنا من هو أحق بمجلسك منك، فقال: عمر صدقت، تكلم؛ فهذا السحر الحلال! .." 1.

فتأمل كيف أثرت الفكرة الجميلة باللفظ البديع في عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله عنه، وأصغى إلى الغلام حتى انتهى من كلامه وبيانه، وكيف تقدم هذا الغلام على أقرانه وكبراء قومه؟ وكأنه كبيرهم الذي لا يعقد رأي بدونه.

وليس من الجمال اللفظي التعمق، واستخراج المعاني والألفاظ الغريبة، يقول ابن قتيبة: "ويستحب له أن يدع في كلامه التقعر والتقعيب" 2 فهو يستثقل، والأدب غض، والزمان زمان، وأهله يتحلون فيه بالفصاحة، ويتنافسون في العلم 3.

ومثال ذلك قول علقمة عندما هاجت به مرة واجتمع عليه قوم، فقال لهم: ما لكم تتكأكؤن عليّ كتكأكئكم عليّ ذي جنة، افرنقعوا عني، فقال رجل منهم: دعوه فإن شيطانه يتكلم بالهندية، وقال لحجام يحجمه أشدد قصب الملازم، وأرهف ظبة المشرط، وخفف الوضع وعجل النزع، وليكن شرطك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015