الذي انصبت فيه جميع العناصر، وانبعث بها هذا التيار العقلي الذي يدفع بعضه بعضاً، وكأنها هي التي كانت تهذب نفوسهم وتزنها، وتعدلها وتخلصها برقة أوضاعها وسمو تراكيبها، حتى ينشأ ناشئهم في نفسه على ما يرى من أوضاع الكمال في لغته؛ لأنه يتلقنها اعتياداً من أبوية وقومه، ولهيَ أقوم على تثقيفهم من المؤدب بأدبه، والمعلم بعلمه وكتبه؛ لأنها حركات نفسية على مدارها انجذاب الطبع فيهم 1.

فجاء الإسلام فازدادوا حكمة على حكمتهم، وقدرة لغوية على قدرتهم، فهذب فكرهم، وصقل أذهانهم، فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس، وخير الأصحاب، وأفضل من فكر وتدبر ودبر رضي الله عنهم أجمعين.

وبعد انتشار الإسلام، وتوسع الفتوحات الإسلامية في المشرق والمغرب، ودخول الناس في دين الله أفواجاً، وحصول الاختلاط بين الأجناس المختلفة، ضعف تقويم اللسان وكثر اللحن بين الناس، حتى أصبحت دراسة علوم اللغة العربية في الغالب قائمة على الاستيعاب المؤقت لحين تجاوز الاختبارات الدراسية، بيد أننا نجد اللغة العربية تمتاز بعذوبة ألفاظها، وجمال تراكيبها الكلامية ومحسناتها البديعية، مما يجعل دراستها رغبة في تذوق جمالياتها والتحلي بتطبيقاتها، إضافة إلى آثارها التربوية العميقة في غرس الفضائل الخلقية، ونبذ الرذائل السلوكية، من خلال أدب اللغة العربية الذي يزخر بفيض من الحكم والأمثال والقصائد والنثر الذي يشحذ الهمم نحو اكتساب الفضائل والتمثل بها، من صدق وأمانة وكرم وعفة ونحو ذلك.

إضافة إلى أن اللغة العربية كانت ومازالت مأرزاً في حفظ العلم وتسهيله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015