...
المبحث الثالث: العناية التربوية بعلوم اللغة العربية:
لقد وجدت اللغة العربية عناية فائقة من لدن العرب في الجاهلية وفي الإسلام، حيث كانت اللغة هي وعاء الحفظ التاريخي، وأدبها وسيلة الإعلام والنشر، تعقد لها المنتديات في أسواق العرب المشهورة كسوق: ذي المجاز، ومِجنَّة، وحباشة، وعكاظ، وهي أعظم أسواقهم.
فكانت تحضره قبائل العرب كلها، فيتناشدون حيث كانوا متعلقون بالكلمة السائدة والخبر المرسل، لا يعدلون بذلك شيئاً، لِما رُكِّبَ في طباعهم من حب المحمدة، وما انصرفوا إليه من المباهاة بالفصاحة، وقوة العارضة. وكان في هذه الأسواق يخطب الشاعر الفحل بقصيدته والخطيب بكلمته 1.
وهذا عزز اللغة العربية والعناية بها والاهتمام بتناقل أسسها بالسليقة، والمشافهة، فلم يحتاجوا إلى الدرس فيها غير أسلوب العناية بها والمفاخرة بالخطابة والشعر وحسن اللفظ وجمال التراكيب الكلامية.
وجاء الإسلام ونزل القرآن بلغة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فكتب بها فاشتدت العناية باللغة العربية، وانتشر الإسلام بين الأمم، وكثرت الفتوحات وكثر اللحن، فجلس المؤدبون والمعلمون يدرسون اللغة العربية وآدابها وفنونها فزادت العناية التربوية بها لما حصل في اللسان العربي من اللحن، وكان هذا الاهتمام من العلماء والخلفاء والأعيان على النحو التالي: