ذِكْرُ شُرُوطِهِ

هِيَ ثَمَانِيَةٌ:

أَحَدُهَا: وُجُودُ دَلِيلٍ إِمَّا حَالِيٌّ نَحْوُ: {قَالُوا سَلاماً} أَيْ سَلَّمْنَا سَلَامًا أَوْ مَقَالِيٌّ نَحْوُ: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً} "أَيْ أَنْزَلَ خَيْرًا"، {قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} أَيْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ

وَمِنَ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلُ حَيْثُ يَسْتَحِيلُ صِحَّةُ الْكَلَامِ عَقْلًا إِلَّا بِتَقْدِيرِ مَحْذُوفٍ ثُمَّ تَارَةً يَدُلُّ عَلَى أَصْلِ الْحَذْفِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ عَلَى تَعْيِينِهِ بَلْ يُسْتَفَادُ التعيين من دليل آخره نحو: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} فَإِنَّ الْعَقْلَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتِ الْمُحَرَّمَةَ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يضاف إلى الأحرام وَإِنَّمَا هُوَ وَالْحِلُّ يُضَافَانِ إِلَى الْأَفْعَالِ فَعُلِمَ بِالْعَقْلَ حَذْفُ شَيْءٍ وأما تعينه وَهُوَ التَّنَاوُلُ فَمُسْتَفَادٌ مِنَ الشَّرْعِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا" لِأَنَّ الْعَقْلَ لَا يُدْرِكُ مَحَلَّ الْحِلِّ وَلَا الْحُرْمَةِ وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ: أَنَّهُ مِنْ بَابِ دَلَالَةِ العقل أيضا فتابع فيه السَّكَّاكِيَّ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلِ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أُصُولِ الْمُعْتَزِلَةِ

وَتَارَةً يَدُلُّ الْعَقْلُ أَيْضًا عَلَى التَّعْيِينِ نحو: {وَجَاءَ رَبُّكَ} أَيْ أَمْرُهُ بِمَعْنَى عَذَابِهِ لِأَنَّ الحق دَلَّ عَلَى اسْتِحَالَةِ مَجِيءِ الْبَارِئِ لِأَنَّهُ مِنْ سِمَاتِ الْحَادِثِ وَعَلَى أن الجائي أمره، {وْفُوا بِالْعُقُودِ} {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ} ، أَيْ بِمُقْتَضَى الْعُقُودِ وَبِمُقْتَضَى عَهْدِ اللَّهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَالْعَهْدَ قَوْلَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015