وَاحِدَةٍ، فَوَاللَّهِ مَا تَرَكَ الْعَدْلَ وَالْإِحْسَانَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ شَيْئًا إِلَّا جَمْعَهُ وَلَا تَرْكَ الْفَحْشَاءُ وَالْمُنْكِرُ وَالْبَغِيُّ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ شَيْئًا إِلَّا جَمَعَهُ
وَرَوَى أَيْضًا عن ابن أبي شِهَابٍ فِي مَعْنَى حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: " بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ" قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ جَوَامِعَ الْكَلِمِ أَنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ لَهُ الْأُمُورَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُكْتَبُ فِي الْكُتُبِ قَبْلَهُ فِي الْأَمْرِ الْوَاحِدِ وَالْأَمْرَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ} الْآيَةَ فَإِنَّهَا جَامِعَةٌ لِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ لِأَنَّ فِي أَخْذِ الْعَفْوِ التَّسَاهُلَ وَالتَّسَامُحَ فِي الْحُقُوقِ وَاللِّينَ وَالرِّفْقَ فِي الدُّعَاءِ إِلَى الدِّينِ وَفِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ كَفُّ الْأَذَى وَغَضُّ الْبَصَرِ وَمَا شَاكَلَهُمَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ وفي الإعراض الصبر وَالْحِلْمِ وَالتُّؤَدَةِ
وَمِنْ بَدِيعِ الْإِيجَازِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إِلَى آخِرِهَا فَإِنَّهُ نِهَايَةُ التَّنْزِيهِ وَقَدْ تَضَمَّنَتِ الرَّدَّ عَلَى نَحْوِ أَرْبَعِينَ فِرْقَةً كَمَا أَفْرَدَ ذَلِكَ بِالتَّصْنِيفِ بَهَاءُ الدِّينِ بْنُ شَدَّادٍ
وَقَوْلُهُ: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} دَلَّ بِهَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ عَلَى جَمِيعِ مَا أَخْرَجَهُ مِنَ الْأَرْضِ قُوتًا وَمَتَاعًا لِلْأَنَامِ مِنَ الْعُشْبِ وَالشَّجَرِ وَالْحَبِّ وَالثَّمَرِ وَالْعَصْفِ وَالْحَطَبِ وَاللِّبَاسِ وَالنَّارِ وَالْمِلْحِ لِأَنَّ النَّارَ مِنَ الْعِيدَانِ وَالْمِلْحَ مِنَ الْمَاءِ
وَقَوْلُهُ: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ} جَمَعَ فِيهِ جَمِيعَ عُيُوبِ الْخَمْرِ مِنَ الصُّدَاعِ وَعَدَمِ الْعَقْلِ وَذَهَابِ المال ونفاد الشَّرَابِ
وَقَوْلُهُ: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ} الْآيَةَ أَمَرَ فِيهَا وَنَهَى