النَّصَارَى فِي مَرْيَمَ مَا قَالُوا صَرَّحَ اللَّهُ بِاسْمِهَا وَلَمْ يَكُنْ تأكيدا للعبودية إلا الَّتِي هِيَ صِفَةٌ لَهَا وَتَأْكِيدًا لِأَنَّ عِيسَى لَا أَبَ لَهُ وَإِلَّا لَنُسِبَ إِلَيْهِ.
ثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ التَّصْرِيحُ مِمَّا يُسْتَقْبَحُ ذِكْرُهُ كَكِنَايَةِ اللَّهِ عَنِ الْجِمَاعِ بِالْمُلَامِسَةِ وَالْمُبَاشِرَةِ وَالْإِفْضَاءِ وَالرَّفَثِ وَالدُّخُولِ وَالسِّرِّ في قوله: {لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً} وَالْغَشَيَانِ فِي قَوْلِهِ {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الْمُبَاشَرَةُ الْجِمَاعُ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُكَنِّي
وَأَخْرَجَ عَنْهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُكَنِّي مَا شَاءَ وَإِنَّ الرَّفَثَ هُوَ الْجِمَاعُ وَكَنَّى عَنْ طَلَبِهِ بِالْمُرَاوَدَةِ فِي قَوْلِهِ: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ} وَعَنْهُ أَوْ عَنِ الْمُعَانَقَةِ بِاللِّبَاسِ فِي قَوْلِهِ: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} وَبِالْحَرْثِ فِي قَوْلِهِ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}
وَكَنَّى عَنِ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ بِالْغَائِطِ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} وَأَصْلُهُ الْمَكَانُ الْمُطَمْئِنُ مِنَ الْأَرْضِ
وَكَنَّى عَنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِأَكْلِ الطَّعَامِ فِي قَوْلِهِ فِي مَرْيَمَ وابنها: {كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ}
وَكَنَّى عَنِ الْأَسْتَاهِ بِالْأَدْبَارِ فِي قَوْلِهِ: {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ}
أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ يَعْنِي أَسْتَاهَهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُكَنِّي
وَأَوْرَدَ عَلَى ذَلِكَ التَّصْرِيحَ بِالْفَرْجِ فِي قوله: {الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا}