لِيُفِيدَ أَنَّهُ مَحْقُوقٌ بِقَوْلِ الْحَقِّ وَحَرِيصٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ التَّضْمِينُ مَجَازًا لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يُوضَعْ لِلْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ مَعًا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا جائز.
فَصْلٌ
فِي أَنْوَاعٍ مُخْتَلَفٍ فِي عَدِّهَا مِنَ الْمَجَازِ
وَهِيَ سِتَّةٌ
أَحَدُهَا: الْحَذْفُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِنَ الْمَجَازِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ الْمَجَازَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ وَالْحَذْفُ لَيْسَ كَذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: حَذْفُ الْمُضَافِ هُوَ عَيْنُ الْمَجَازِ وَمُعْظَمُهُ وَلَيْسَ كُلُّ حَذْفٍ مَجَازًا
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ الْحَذْفُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ اللَّفْظِ وَمَعْنَاهُ مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادِ نَحْوُ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} أَيْ أَهْلَهَا إِذْ لَا يَصِحُّ إِسْنَادُ السُّؤَالِ إِلَيْهَا
وَقِسْمٌ يَصِحُّ بِدُونِهِ لَكِنْ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ شَرْعًا كَقَوْلِهِ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أَيْ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ
وَقِسْمٌ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ عَادَةً لَا شَرْعًا نَحْوُ: {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} أَيْ فَضَرَبَهُ
وَقِسْمٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ غَيْرُ شَرْعِيٍّ وَلَا هُوَ عَادَةً نَحْوُ: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ} دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا قَبَضَ مِنْ أَثَرِ حَافِرِ فَرَسِ الرَّسُولِ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ مَجَازٌ إِلَّا الْأَوَّلَ.