وَقَوْلُهُ: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} وَاسْمُ الْأُمِّ الْهَاوِيَةُ مَجَازٌ أَيْ كَمَا أَنَّ الْأُمَّ كَافِلَةٌ لِوَلَدِهَا وَمَلْجَأٌ لَهُ كَذَلِكَ النَّارُ لِلْكَافِرِينَ كَافِلَةٌ وَمَأْوًى وَمَرْجِعٌ
الْقِسْمُ الثَّانِي:
الْمَجَازُ في المفرد ويسمى اللُّغَوِيُّ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوَّلًا وَأَنْوَاعُهُ كَثِيرَةٌ:
أَحَدُهَا: الْحَذْفُ وَسَيَأْتِي مبسوطا في نوع المجاز فَهُوَ بِهِ أَجْدَرُ خُصُوصًا إِذَا قُلْنَا إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَنْوَاعٍ الْمَجَازِ
الثَّانِي: الزِّيَادَةُ وَسَبْقُ تَحْرِيرِ الْقَوْلِ فِيهَا فِي نَوْعِ الْإِعْرَابِ.
الثَّالِثُ: إِطْلَاقُ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ نَحْوُ: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} أَيْ أَنَامِلُهُمْ وَنُكْتَةُ التَّعْبِيرِ عَنْهَا بِالْأَصَابِعِ الْإِشَارَةُ إِلَى إِدْخَالِهَا عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَادِ مُبَالَغَةً مِنَ الْفِرَارِ فَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْأَصَابِعَ {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} أَيْ وُجُوهُهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ جُمْلَتَهُمْ، {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} أطلق الشهر وهو إسم لثلاثين ليلة وأراد جزء مِنْهُ كَذَا أَجَابَ بِهِ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ عَنِ اسْتِشْكَالِ أَنَّ الْجَزَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الشَّرْطِ وَالشَّرْطُ أَنْ يَشْهَدَ الشَّهْرَ وَهُوَ اسْمٌ لِكُلِّهِ حَقِيقَةً فَكَأَنَّهُ أَمَرَ بِالصَّوْمِ بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَدْ فَسَّرَهُ عَلَيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى مَنْ شَهِدَ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَلْيَصُمْ جَمِيعَهُ وَإِنْ سَافَرَ فِي أَثْنَائِهِ.
أَخْرَجَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ أَيْضًا مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَوْعِ الْحَذْفِ