حُكْمِ آيَتِي الَّتِي أَوْحَيْتُهَا إِلَى أُمِّكَ: {أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ} الْآيَةَ انْتَهَى.

وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُرَادُ فِي الْآيَاتِ كِلَاءَتُهُ تَعَالَى وَحِفْظُهُ وَمِنْ ذَلِكَ الْيَدُ فِي قَوْلِهِ: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} {وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ} وَهِيَ مُؤَوَّلَةٌ بِالْقُدْرَةِ.

وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: الْيَدُ فِي الْأَصْلِ كَالْبَصَرِ عِبَارَةٌ عَنْ صِفَةٍ لِمَوْصُوفٍ وَلِذَلِكَ مَدَحَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْأَيْدِي مَقْرُونَةً مَعَ الْأَبْصَارِ فِي قَوْلِهِ: {أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ} وَلَمْ يَمْدَحْهُمْ بِالْجَوَارِحِ لِأَنَّ الْمَدْحَ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالصِّفَاتِ لَا بِالْجَوَاهِرِ قَالَ: وَلِهَذَا قَالَ الْأَشْعَرِيُّ: إِنَّ الْيَدَ صِفَةٌ وَرَدَ بِهَا الشَّرْعُ وَالَّذِي يَلُوحُ مِنْ مَعْنَى هَذِهِ الصِّفَةِ أَنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنْ مَعْنَى الْقُدْرَةِ إِلَّا أَنَّهَا أَخَصُّ وَالْقُدْرَةَ أَعَمُّ كَالْمَحَبَّةِ مَعَ الْإِرَادَةِ وَالْمَشِيئَةِ فَإِنَّ فِي الْيَدِ تَشْرِيفًا لَازِمًا.

وَقَالَ: الْبَغَوِيُّ فِي قَوْلِهِ: {بِيَدَيَّ} فِي تَحْقِيقِ اللَّهِ التَّثْنِيَةَ فِي الْيَدِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ وَالنِّعْمَةِ وَإِنَّمَا هُمَا صِفَتَانِ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ.

وقال مجاهد: اليد ها هنا صِلَةٌ وَتَأْكِيدٌ كَقَوْلِهِ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَهَذَا تَأْوِيلٌ غَيْرُ قَوِيٍّ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ صِلَةً لَكَانَ لِإِبْلِيسَ أَنْ يَقُولَ: إِنْ كُنْتَ خَلَقْتَهُ فَقَدْ خَلَقْتَنِي، وَكَذَلِكَ فِي الْقُدْرَةِ وَالنِّعْمَةِ لَا يَكُونُ لِآدَمَ فِي الْخَلْقِ مرية عَلَى إِبْلِيسَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015