قَامَ بِالْعَدْلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَائِماً بِالْقِسْطِ} وَالْعَدْلُ هُوَ اسْتِوَاؤُهُ وَيَرْجِعُ مَعْنَاهُ إِلَى أَنَّهُ أَعْطَى بِعِزَّتِهِ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ مَوْزُونًا بِحِكْمَتِهِ الْبَالِغَةِ وَمِنْ ذَلِكَ النَّفْسُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ خَرَجَ عَلَى سَبِيلِ الْمُشَاكَلَةِ مُرَادًا بِهِ الْغَيْبُ لِأَنَّهُ مُسْتَتِرٌ كَالنَّفْسِ.
وَقَوْلِهِ: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} أَيْ عُقُوبَتَهُ وَقِيلَ إِيَّاهُ.
وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: النَّفْسُ عِبَارَةٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْوُجُودِ دُونَ مَعْنًى زَائِدٍ وَقَدِ اسْتُعْمِلَ مِنْ لَفْظَةِ النَّفَاسَةِ وَالشَّيْءِ النَّفِيسِ فَصَلُحَتْ لِلتَّعْبِيرِ عَنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ: أَوَّلَهَا العلماء بتأويلات: منها أَنَّ النَّفْسَ عُبِّرَ بِهَا عَنِ الذَّاتِ قَالَ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ سَائِغًا فِي اللُّغَةِ وَلَكِنَّ تَعَدِّيَ الْفِعْلِ إِلَيْهَا بِفِي الْمُفِيدَةِ لِلظَّرْفِيَّةِ مُحَالٌ عَلَيْهِ تَعَالَى وَقَدْ أَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ بِالْغَيْبِ أَيْ وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي غَيْبِكَ وَسِرِّكَ قَالَ: وَهَذَا حَسَنٌ لِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْآيَةِ: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ}
وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهُ وَهُوَ مُؤَوَّلٌ بِالذَّاتِ وَقَالَ: ابْنُ اللَّبَّانِ فِي قَوْلِهِ: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} {إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى} الْمُرَادُ إِخْلَاصُ النِّيَّةِ.