فَالْأَصْلُ عَوْدُهُ لِلْمُضَافِ لِأَنَّهُ الْمُحَدِّثُ عَنْهُ نَحْوَ: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} . وَقَدْ يَعُودُ عَلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ نَحْوَ: {إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً} .
وَاخْتُلِفَ فِي: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} فَمِنْهُمْ مَنْ أَعَادَهُ عَلَى الْمُضَافِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَعَادَهُ إِلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ.
قَاعِدَةٌ
الْأَصْلُ تَوَافُقُ الضَّمَائِرِ فِي الْمَرْجِعِ حَذَرًا مِنَ التَّشْتِيتِ وَلِهَذَا لَمَّا جَوَّزَ بَعْضُهُمْ فِي: {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} أَنَّ الضَّمِيرَ فِي الثَّانِي لِلتَّابُوتِ وَفِي الْأَوَّلِ لِمُوسَى عَابَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَجَعَلَهُ تَنَافُرًا مُخْرِجًا لِلْقُرْآنِ عَنْ إِعْجَازِهِ فَقَالَ: وَالضَّمَائِرُ كُلُّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى مُوسَى وَرُجُوعُ بَعْضِهَا إِلَيْهِ وَبَعْضُهَا إِلَى التَّابُوتِ فِيهِ هُجْنَةٌ لما يؤدي إِلَيْهِ مِنْ تَنَافُرِ النَّظْمِ الَّذِي هُوَ أُمُّ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ وَمُرَاعَاتُهُ أَهَمُّ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُفَسِّرِ.
وَقَالَ فِي: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} الضَّمَائِرُ لِلَّهِ تَعَالَى وَالْمُرَادُ بِتَعْزِيرِهِ تَعْزِيرُ دِينِهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ فَرَّقَ الضَّمَائِرَ فَقَدْ أَبْعَدَ.
وَقَدْ يَخْرُجُ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً} فَإِنَّ ضَمِيرَ " فِيهِمْ " لِأَصْحَابِ الْكَهْفِ " ومنهم " لِلْيَهُودِ.