وَفِي الْعَجَائِبِ لِلْكِرْمَانِيِّ: مِنَ الْغَرِيبِ مَا ذَكَرَهُ المفضل أَنَّهُ مَصْدَرُ " سَبَّحَ " إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ،. وَأَنْشَدَ:
قَبَّحَ الْإِلَهُ وُجُوهَ تَغْلِبَ كُلَّمَا
سَبَّحَ الْحَجِيجُ وَكَبَّرُوا إِهْلَالَا
أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {سُبْحَانَ اللَّهِ} ، قَالَ: تَنْزِيهُ اللَّهِ نَفْسَهُ عَنِ السُّوءِ.
ظَنَّ
أَصْلُهُ لِلِاعْتِقَادِ الرَّاجِحِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْيَقِينِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ} .
أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُلُّ ظَنٍّ فِي الْقُرْآنِ يَقِينٌ وَهَذَا مُشْكِلٌ بِكَثِيرٍ مِنَ الْآيَاتِ لَمْ تُسْتَعْمَلْ فِيهَا بِمَعْنَى الْيَقِينِ كَالْآيَةِ الْأُولَى.
وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَانِ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْقُرْآنِ ضَابِطَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَ الظَّنُّ مَحْمُودًا مُثَابًا عَلَيْهِ فَهُوَ الْيَقِينُ وَحَيْثُ وُجِدَ مَذْمُومًا مُتَوَعَّدًا عَلَيْهِ بِالْعِقَابِ فَهُوَ الشَّكُّ.
وَالثَّانِي: أَنَّ كُلَّ ظَنٍّ يَتَّصِلُ بَعْدَهُ أَنْ الْخَفِيفَةُ فَهُوَ شَكٌّ نَحْوَ: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ} ، وَكُلُّ ظَنٍّ يَتَّصِلُ بِهِ أَنَّ الْمُشَدَّدَةُ فَهُوَ يَقِينٌ كَقَوْلِهِ: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ} ، {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} وَقُرِئَ: "وَأَيْقَنَ أَنَّهُ الْفِرَاقُ "، وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُشَدَّدَةَ لِلتَّأْكِيدِ فَدَخَلَتْ